للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد ورد في نزول هذه الآية الكريمة حديث حَسن، رواه الإمام أحمد:

حدثنا أبو النضر، حدثنا عبد الحميد، حدثنا شهر، حدثني عبد الله بن عباس قال: بينما رسول الله بفناء بيته جالس، إذ مر به عثمان بن مظعون، فكشر (١) إلى رسول الله فقال له رسول الله : "ألا تجلس؟ " فقال: بلى. قال: فجلس رسول الله مستقبله، فبينما هو يحدثه إذ شَخَص رسول الله ببصره في السماء، فنظر ساعة إلى [السماء] (٢) فأخذ يضع بصره حتى وضعه على يَمْنته في الأرض، فتحرَّف رسول الله عن جليسه عثمان إلى حيث وضع بصره فأخذ ينغض رأسه كأنه يستفقه ما يقال له، وابن مظعون ينظر فلما قضى حاجته واستفقه ما يقال له، شخص بصر رسول الله إلى السماء كما شخص أول مرة. فأتبعه بصره حتى توارى في السماء. فأقبل إلى عثمان بجلسته الأولى فقال: يا محمد، فيما كنت أجالسك؟ ما رأيتك تفعل كفعلك الغداة! قال: "وما رأيتني فعلت؟ " قال: رأيتك شخص بصرك إلى السماء ثم وضعته حيث وضعته على يمينك، فتحرفت إليه وتركتني، فأخذت تنغض رأسك كأنك تستفقه شيئا يقال لك. قال: "وفطنت لذلك؟ " فقال عثمان: نعم. قال رسول الله : "أتاني رسول الله آنفا وأنت جالس". قال: رسولُ الله؟ قال: "نعم". قال: فما قال لك؟ قال: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) قال عثمان: فذلك حين استقر الإيمان في قلبي، وأحببت محمدًا (٣).

إسناد جيد متصل حسن، قد (٤) بُيِّن فيه السماع المتصل. ورواه ابن أبي حاتم، من حديث عبد الحميد بن بَهرام مختصرًا.

حديث آخر: عن عثمان بن أبي العاص الثقفي في ذلك، قال الإمام أحمد:

حدثنا أسود بن عامر، حدثنا هُرَيْم، عن لَيْث، عن شَهْر بن حَوْشَب، عن عثمان بن أبي العاص قال: كنت عند رسول الله جالسا، إذ شَخَصَ بَصره فقال: "أتاني جبريل، فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من هذه السورة: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ [وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ]) (٥) (٦).

وهذا إسناد لا بأس به، ولعله عند شهر بن حوشب من الوجهين، والله أعلم.

﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (٩١) وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٩٢)


(١) في ف: "فكر".
(٢) زيادة من ت، ف، أ، والمسند.
(٣) المسند (١/ ٣١٨).
(٤) في ف: "وقد".
(٥) زيادة من ف، أ، وفي هـ: "الآية".
(٦) المسند (٤/ ٢١٨).