للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: يفرغ وينقضي، فإنه إلى أجل معدود محصور مقدَّر مُتَناه، (وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ) أي: وثوابه لكم في الجنة باق لا انقطاع ولا نفاد له فإنه دائم لا يحول ولا يزول، (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) قسم من الرب ﷿ (١) مُتَلقى باللام، أنه يجازي الصابرين بأحسن أعمالهم، أي: ويتجاوز عن سيئها.

﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧)

هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحا -وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه (٢) من ذكر أو أنثى من بني آدم، وقلبه مؤمن بالله ورسوله، وإن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله -بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا وأن يجزيه (٣) بأحسن ما عمله في الدار الآخرة.

والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت. وقد روي عن ابن عباس وجماعة أنهم فسروها بالرزق الحلال الطيب.

وعن علي بن أبي طالب، ، أنه فسرها بالقناعة. وكذا قال ابن عباس، وعِكْرِمة، ووهب بن منبه.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أنها (٤) السعادة.

وقال الحسن، ومجاهد، وقتادة: لا يطيب لأحد حياة إلا في الجنة.

وقال الضحاك: هي الرزق الحلال والعبادة في الدنيا، وقال الضحاك أيضا: هي (٥) العمل بالطاعة والانشراح بها.

والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد:

حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثني شرحبيل بن شريك، عن

أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عَمرو أن رسول الله قال: "قد أفلح من أسلم ورُزق كفافا، وقَنَّعه الله بما آتاه". ورواه مسلم، من حديث عبد الله بن يزيد المقرئ به (٦).

وروى الترمذي والنسائي، من حديث أبي هانئ، عن أبي علي الجنبي (٧) عن فضالة بن عُبَيد؛ أنه سمع رسول الله يقول: "قد أفلح من هُدي إلى الإسلام، وكان عيشه كفافا، وقنع (٨) به". وقال


(١) في ف: "جل شأنه".
(٢) في ت: "رسوله".
(٣) في ت: "يجزى".
(٤) في ت، ف: "هي".
(٥) في ت، ف: "هو".
(٦) المسند (٢/ ١٦٨) وصحيح مسلم برقم (١٠٥٤).
(٧) في ت، ف، أ: "الحسبي".
(٨) في ت: "ومنع".