للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الترمذي: هذا حديث صحيح (١).

وقال الإمام أحمد، حدثنا يزيد، حدثنا هَمَّام، عن يحيى، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : "إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يعطى بها في الدنيا [ويثاب عليها في الآخرة وأما الكافر فيعطيه حسناته في الدنيا] (٢) حتى إذا أفضى إلى الآخرة، لم تكن له حسنة يعطى بها خيرًا". انفرد بإخراجه مسلم (٣).

﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠)

هذا أمر من الله تعالى لعباده (٤) على لسان نبيه : إذا أرادوا قراءة القرآن، أن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم. وهو أمرُ ندبٍ ليس بواجب، حكى الإجماع على ذلك (٥) الإمام أبو جعفر بن جرير وغيره من الأئمة. وقد قدمنا الأحاديث الواردة في الاستعاذة مبسوطة في أول التفسير، ولله الحمد والمنة.

والمعنى في الاستعاذة عند ابتداء القراءة، لئلا يلبس (٦) على القارئ قراءته ويخلط عليه، ويمنعه من التدبر والتفكر، ولهذا ذهب الجمهور إلى أن الاستعاذة إنما تكون قبل التلاوة (٧) وحكي عن حمزة وأبي حاتم السجستاني: أنها تكون بعد التلاوة، واحتجا بهذه الآية. ونقل النووي في شرح المهذب مثل ذلك عن أبي هريرة أيضًا، ومحمد بن سيرين، وإبراهيم النَّخَعي. والصحيح الأول، لما تقدم من الأحاديث الدالة على تقدمها على التلاوة، والله أعلم.

وقوله: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) قال الثوري: ليس له عليهم سلطان أن يوقعهم في ذنب لا يتوبون منه.

وقال آخرون: معناه لا حجة له عليهم. وقال آخرون: كقوله: ﴿إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [ص: ٨٣].

(إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ) قال مجاهد: يطيعونه.

وقال آخرون: اتخذوه وليًا من دون الله.


(١) سنن الترمذي برقم (٢٣٤٩).
(٢) زيادة من ت، ف، أ، والمسند.
(٣) المسند (٣/ ١٢٣) وصحيح مسلم برقم (٢٨١٨).
(٤) في ت، ف: "عباده".
(٥) في ت، ف: "وحكى على ذلك الإجماع".
(٦) في ف: "تلتبس".
(٧) في ف: "القراءة".