للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة، والمقضي بينهم قبل الخلائق". رواه مسلم [والله أعلم] (١) (٢).

﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١٢٥)

يقول تعالى آمرًا رسوله محمدًا أن يدعو الخلق إلى الله (بِالْحِكْمَةِ)

قال ابن جرير: وهو ما أنزله عليه (٣) من الكتاب والسنة (وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) أي: بما فيه من الزواجر والوقائع بالناس ذكرهم (٤) بها، ليحذروا بأس الله تعالى.

وقوله: (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أي: من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال، فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب، كما قال: ﴿وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ [العنكبوت: ٤٦] فأمره تعالى بلين الجانب، كما أمر موسى وهارون، ، حين بعثهما إلى فرعون فقال: ﴿فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه: ٤٤].

وقوله: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) أي: قدم علم الشقي منهم والسعيد، وكتب ذلك عنده وفرغ منه، فادعهم إلى الله، ولا تذهب نفسك على من ضل منهم (٥) حسرات، فإنه ليس عليك هداهم إنما أنت نذير، عليك البلاغ، وعلينا الحساب، ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [القصص: ٥٦]، (٦) و (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ) [البقرة: ٢٧٢].

﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (١٢٧) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)

يأمر تعالى بالعدل في الاقتصاص والمماثلة في استيفاء الحق، كما قال عبد الرزاق، عن الثوري، عن خالد، عن ابن سيرين: أنه قال في قوله تعالى: (فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) إن أخذ منكم رجل شيئًا، فخذوا منه مثله.

وكذا قال مجاهد، وإبراهيم، والحسن البصري، وغيرهم. واختاره ابن جرير.

وقال ابن زيد: كانوا قد أمروا بالصفح عن المشركين، فأسلم رجال ذوو منعةٍ، فقالوا: يا رسول


(١) زيادة من ف، أ.
(٢) صحيح مسلم برقم (٨٥٦).
(٣) في ف، أ: "عليك".
(٤) في ت، ف: "يذكرهم".
(٥) في ت: "عليهم".
(٦) في ف: "وإنك" وهو خطأ.