للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَدَّثَنَا غَسَّانُ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى بِقِنَاعٍ عَلَيْهِ بُسْر، فَقَالَ: وَمَثَلُ كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ، أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ. تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا فَقَالَ: "هِيَ النَّخْلَةُ" {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} قَالَ: "هِيَ الْحَنْظَلُ" (١) قَالَ شُعَيْبٌ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَبَا الْعَالِيَةِ فَقَالَ: كَذَلِكَ كُنَّا نَسْمَعُ (٢) .

وَقَوْلُهُ: {اجْتُثَّتْ} أَيِ: اسْتُؤْصِلَتْ {مِنْ فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} أَيْ: لَا أَصْلَ لَهَا وَلَا ثَبَاتَ، كَذَلِكَ الْكُفْرُ لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا فَرْعَ، وَلَا يَصْعَدُ لِلْكَافِرِ عَمَلٌ، وَلَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ.

{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (٢٧) }

قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَد قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اَلْمُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِي الْقَبْرِ، شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} (٣) .

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا وبَقِيَّة الْجَمَاعَةِ كُلُّهُمْ، مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، بِهِ (٤) .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنِ المِنْهَال بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلَحَّدْ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ، وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكت بِهِ فِي الْأَرْضِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: "اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ"، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ، بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وحَنُوط مِنْ حَنُوط الْجَنَّةِ، حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ. ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ، اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ". قَالَ: "فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاء فَيَأْخُذُهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الحنُوط، وَيَخْرُجَ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. فَيَصْعَدُونَ بِهَا، فَلَا يَمُرُّونَ -يَعْنِي بِهَا -على ملأ من الملائكة


(١) في أ: "الحنظلة".
(٢) ورواه الترمذي في السنن برقم (٣١١٩) عن عبد بن حميد، عن أبي الوليد، عن حماد بن سلمة به نحوه، وقد سبق الكلام عليه.
(٣) صحيح البخاري برقم (٤٦٩٩) .
(٤) صحيح مسلم برقم (٢٨٧١) وسنن أبي داود برقم (٤٧٥٠) وسنن الترمذي برقم (٣١٢٠) وسنن النسائي (٤/١٠١) وسنن ابن ماجة برقم (٤٢٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>