للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا) أي: إنهم لما عاينوا جهنم حين (١) جيء بها تقاد بسبعين ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك، فإذا رأى المجرمون النار، تحققوا لا محالة أنهم مواقعوها، ليكون ذلك من باب تعجيل الهم والحزن لهم، فإن توقع العذاب والخوف منه قبل وقوعه، عذاب ناجز.

(وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا) أي: ليس (٢) لهم طريق يعدل بهم عنها ولا بد لهم منها.

قال ابن جرير: حدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن دَرّاج عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن رسول الله (٣) أنه قال: "إن الكافر يرى (٤) جهنم، فيظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين (٥) سنة" (٦)

وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن، حدثنا ابن (٧) لهيعة، حدثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : "ينصب الكافر مقدار خمسين ألف سنة، كما لم يعمل في الدنيا، وإن الكافر ليرى جهنم، ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة" (٨).

﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا (٥٤)﴾.

يقول تعالى: ولقد بينا للناس في هذا القرآن، ووضحنا لهم الأمور، وفصلناها، كيلا (٩) يضلوا عن الحق، ويخرجوا عن طريق الهدى. ومع هذا البيان وهذا الفرقان، الإنسان كثير المجادلة والمخاصمة والمعارضة للحق بالباطل، إلا من هدى الله وبصره لطريق النجاة.

قال الإمام أحمد: حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، أخبرني علي بن الحسين، أن حسين بن علي أخبره، أن علي بن أبي طالب أخبره، أن رسول الله (١٠) طرقه وفاطمة بنت رسول الله ليلة، فقال: "ألا تصليان؟ " فقلت: يا رسول الله، إنما أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بَعَثنا. فانصرف حين قلت ذلك، ولم يَرْجع إلي شيئًا، ثم سمعته وهو مولّ (١١) يضرب فخذه [ويقول] (١٢) (وَكَانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا) أخرجاه في الصحيحين (١٣).


(١) في ت: "حتى".
(٢) في ت، ف، أ: "وليس".
(٣) في ف، أ: "عن النبي".
(٤) في ف، أ: "ليرى".
(٥) في ف: "أربعمائة".
(٦) تفسير الطبري (١٥/ ١٧٣) ودراج عن أبي الهيثم ضعيف.
(٧) في ت: "أبي" وهو خطأ.
(٨) المسند (٣/ ٧٥).
(٩) في ف،: "لئلا".
(١٠) في ف، أ: "النبي".
(١١) في ت، ف، أ: "يقول".
(١٢) زيادة من ت، ف، أ، والمسند.
(١٣) المسند (١/ ١١٢) وصحيح البخاري برقم (١٢٢٧) وصحيح مسلم برقم (٧٥٥).