للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال مجاهد: منكرًا. قال: ﴿أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ كانت الأولى نسيانًا، والوسطى شرطًا، والثالثة عمدًا ﴿قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾. ﴿فَانْطَلَقَا﴾. حتى لقيا غلامًا فقتله. قال يعلى: قال سعيد، وجد غلمانًا يلعبون، فأخذ غلامًا كافرًا ظريفًا فأضجعه، ثم ذبحه بالسكين، فقال: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً﴾ لم تعمل بالحنث (١). وابن عباس قرأها ﴿زَكِيَّةً﴾ -" زَاكِيَة " مُسْلمَة، كقولك (٢): غلامًا زكيا فانطلقا، فوجدا جدارًا يريد أن ينقض فأقامه، قال [سعيد] (٣) بيده هكذا، ورفع يده فاستقام -قال يعلى: حسبت أن سعيدًا قال: فمسحه بيده فاستقام -قال: ﴿لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ قال سعيد: أجرًا نأكله ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ﴾ وكان أمامهم، قرأها ابن عباس: "أمامهم ملك" يزعمون عن غير سعيد أنه هُدَدُ بن بُدَدَ، والغلام المقتول (٤) اسمه -يزعمون-جَيسُور (٥) (مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا) فأردت إذا هي مرت به أن يدعها بعيبها، فإذا جاوزه (٦) أصلحوها فانتفعوا بها. ومنهم من يقول: سدوها بقارورة. ومنهم من يقول: بالقار. ﴿فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ﴾ وكان كافرًا، ﴿فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾. أن يحملهما حُبّه على أن يتابعاه (٧) على دينه ﴿فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً﴾ كقوله: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً﴾، ﴿وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾: هما به أرحم منهما بالأول الذي قتل (٨) خضر. وزعم غير سعيد بن جبير أنهما أبدلا جارية. وأما داود بن أبي عاصم فقال عن غير واحد: إنها جارية (٩).

وقال عبد الرزاق: أخبرنا مَعْمَر، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال: خطب موسى، ، بني إسرائيل فقال: ما أحد أعلم بالله وبأمره مني. فَأمرَ أن يلقى هذا الرجل. فذكر نحو ما تقدم بزيادة ونقصان (١٠)، والله أعلم.

وقال محمد بن إسحاق، عن الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتيبة (١١)، عن سعيد بن جبير قال: جلست عند ابن عباس وعنده نفر من أهل الكتاب فقال بعضهم: يا أبا العباس، إن نوفًا ابن امرأة كعب، يزعم عن كعب أن موسى النبي الذي طلب العالم إنما هو موسى بن ميشا؟ قال سعيد: فقال ابن عباس: أنوفٌ يقول هذا؟ قال سعيد: فقلت له: نعم، أنا سمعت نوفًا يقول (١٢) ذلك. قال: أنت سمعته يا سعيد؟ قال: قلت: نعم. قال: كذب نوف. ثم قال ابن عباس: حدثني أبي بن كعب، عن رسول الله : "أن موسى بني إسرائيل سأل ربه فقال: أي رب، إن كان في عبادك أحد (١٣) هو أعلم مني، فدلني عليه. فقال له: نعم، في عبادي من هو أعلم منك. ثم نعت له مكانه (١٤) وأذن له في لقيه. فخرج موسى ومعه فتاه، ومعه حوت مليح، قد قيل له: إذا (١٥) حيي هذا الحوت في مكان، فصاحبك هنالك، وقد أدركت حاجتك. فخرج موسى ومعه فتاه، ومعه ذلك الحوت يحملانه، فسار حتى جهده السير، وانتهى إلى الصخرة وإلى ذلك الماء، وذلك الماء ماء الحياة، من


(١) في ت: "لم تعلم بالحنث"، وفي ف، أ: "لم تعمل الحنث".
(٢) في ت: "كقوله".
(٣) زيادة من ف، أ، والبخاري.
(٤) في ت: "المقصود".
(٥) في أ: "حيسون".
(٦) في أ: "جاوزوا".
(٧) في ت: "تبايعاه".
(٨) في أ: "قتله".
(٩) صحيح البخاري برقم (٤٧٢٦).
(١٠) تفسير عبد الرزاق (١/ ٣٤١، ٣٤٢).
(١١) في ف، أ: "عيينة".
(١٢) في ت: "فيقول".
(١٣) في ت: "واحد".
(١٤) في ف، أ: "بمكان".
(١٥) في أ: "إنه إذا".