للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العيب الذي صنعت بها. ﴿وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا * وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾ أي: ما فعلته عن نفسي، ﴿ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾ وكان ابن عباس يقول: ما كان الكنز إلا علمًا (١).

وقال العوفي، عن ابن عباس قال: لما ظهر موسى وقومه على مصر، أنزل قومه (٢)، فلما استقرت بهم الدار، أنزل الله: أن ذكرهم بأيام الله فخطب قومه، فذكر ما آتاهم الله من الخير والنعمة، وذكرهم إذ نجاهم الله من آل فرعون، وذكرهم هلاك عدوهم، وما استخلفهم الله في الأرض، وقال: كلم الله نبيكم تكليمًا، واصطفاني لنفسه، وأنزل عليّ محبة منه، وآتاكم الله من كل ما سألتموه؛ فنبيكم أفضل أهل الأرض، وأنتم تقرؤون التوراة، فلم يترك نعمة أنعمها عليهم إلا وعرفهم إياها. فقال له رجل من بني إسرائيل: هم (٣) كذلك يا نبي الله، قد عرفنا الذي تقول، فهل على الأرض أحد أعلم منك يا نبي الله؟ قال: لا. فبعث الله جبرائيل إلى موسى، (٤)، فقال: إن الله [﷿] (٥) يقول: وما يدريك أين أضع علمي؟ بلى (٦). إن على شط البحر رجلا هو أعلم منك -قال ابن عباس: هو الخضر-فسأل موسى ربه أن يريه إياه، فأوحى إليه: أن ائت البحر، فإنك تجد على شط البحر حوتًا، فخذه فادفعه إلى فتاك، ثم الزم شط البحر، فإذا نسيت الحوت وهلك منك، فثم تجد العبد الصالح الذي تطلب. فلما طال سفر موسى نبي الله ونصب فيه، سأل فتاه عن الحوت، فقال له فتاه وهو غلامه: (أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) لك، قال الفتى: لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربًا فأعجب ذلك موسى، فرجع حتى أتى الصخرة، فوجد الحوت، فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى، وجعل موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء يتبع (٧) الحوت، وجعل الحوت لا يمس شيئًا من البحر إلا يبس، حتى يكون صخرة (٨)، فجعل نبي الله يعجب من ذلك، حتى انتهى به الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر، فلقي الخضر بها فسلم عليه، فقال الخضر: وعليك السلام، وأنى يكون السلام بهذه (٩) الأرض؟ ومن أنت؟ قال: أنا موسى. فقال (١٠) الخضر: أصاحب بني إسرائيل؟ [قال: نعم] (١١) فرحب به وقال: ما جاء (١٢) بك؟ قال جئتك ﴿عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا * قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ يقول: لا تطيق ذلك. قال موسى ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا﴾ قال: فانطلق به، وقال له: لا تسألني عن شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه، فذلك قوله: ﴿حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾.

وقال الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود عن ابن عباس: أنه تمارى هو


(١) رواه الطبري في تفسيره (١٥/ ١٨٠).
(٢) في ت، ف، أ: "قومه مصر".
(٣) في أ: "هن".
(٤) في ف: "جبريل إلى موسى "، وفي أ: "جبريل إلى موسى ".
(٥) زيادة من أ.
(٦) في أ: "بل".
(٧) في أ: "حتى يتتبع".
(٨) في ت: "حتى يكون مثل الحجر".
(٩) في أ: "وأنى يكون هذا السلام بهذا".
(١٠) في ف، أ: "فقال له".
(١١) زيادة من ف، أ، والطبري.
(١٢) في أ: "ما حاجتك".