للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَمَزَهُ بَعْضُهُمْ، فَجَاءَ جِبْرِيلُ -أَحْسَبُهُ قَالَ: فَغَمَزَهُمْ فَوَقَعَ فِي أَجْسَادِهِمْ -كَهَيْئَةِ الطَّعْنَةِ حَتَّى مَاتُوا (١)

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ عُظَمَاءُ الْمُسْتَهْزِئِينَ -كَمَا حَدَّثَنِي يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ -خَمْسَةَ نَفَرٍ، كَانُوا ذَوِي أَسْنَانٍ وَشَرَفٍ فِي قَوْمِهِمْ، مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصي: الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ أَبُو (٢) زَمْعَةَ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فِيمَا بَلَغَنِي -قَدْ دَعَا عَلَيْهِ، لِمَا كَانَ يَبْلُغُهُ مِنْ أَذَاهُ وَاسْتِهْزَائِهِ [بِهِ] (٣) فَقَالَ: اللَّهُمَّ، أَعْمِ بَصَرَهُ، وَأَثْكِلْهُ وَلَدَهُ. وَمِنْ بَنِي زُهْرَةَ: الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهرة. وَمِنْ بَنِي مَخْزُومٍ: الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَر بْنِ مَخْزُومٍ. وَمِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصيص بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ: الْعَاصُ بْنُ وَائِلِ بْنِ هِشَامِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدٍ. وَمِنْ خُزَاعَةَ: الْحَارِثُ بْنُ الطُّلَاطِلَةِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ مَلْكَانَ -فَلَمَّا تَمَادَوْا فِي الشَّرِّ وَأَكْثَرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاسْتِهْزَاءَ، أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}

وَقَالَ ابْنُ إسحاق: فحدث يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَوْ غَيْرِهِ (٤) مِنَ الْعُلَمَاءِ، أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقَامَ وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَنْبِهِ، فَمَرَّ بِهِ الْأَسْوَدُ [ابْنُ الْمُطَّلِبِ فَرَمَى فِي وَجْهِهِ بِوَرَقَةٍ خَضْرَاءَ، فَعَمِيَ، وَمَرَّ بِهِ الْأَسْوَدُ] (٥) بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، فَأَشَارَ إِلَى بَطْنِهِ، فَاسْتَسْقَى (٦) بَطْنَهُ، فَمَاتَ مِنْهُ حَبَنَا، وَمَرَّ بِهِ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فَأَشَارَ إِلَى أَثَرِ جُرح بِأَسْفَلِ كَعْبِ رِجْلِهِ -كَانَ أَصَابَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِسَنَتَيْنِ وَهُوَ يَجُرُّ إِزَارَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَرَّ بِرَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ يَرِيشُ نَبْلًا لَهُ، فَتَعَلَّقَ سَهْمٌ مِنْ نَبْلِهِ بِإِزَارِهِ، فَخَدَشَ رِجْلَهُ ذَلِكَ الْخَدْشَ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، فَانْتَقَضَ بِهِ فَقَتَلَهُ. وَمَرَّ بِهِ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، فَأَشَارَ إِلَى أَخْمَصِ قَدَمِهِ، فَخَرَجَ عَلَى حِمَارٍ لَهُ يُرِيدُ الطَّائِفَ، فَرَبَضَ (٧) عَلَى شِبْرِقَةٍ فَدَخَلَتْ فِي أَخْمَصِ رِجْلِهِ مِنْهَا شَوْكَةٌ فَقَتَلَتْهُ. وَمَرَّ بِهِ الْحَارِثُ بْنُ الطُّلَاطِلَةِ، فَأَشَارَ إِلَى رَأْسِهِ، فَامْتَخَطَ قَيْحًا، فَقَتَلَهُ (٨)

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رأسُهم الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، وَهُوَ الَّذِي جَمَعَهُمْ.

وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ، نَحْوُ سِيَاقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عُرْوَةَ، بِطُولِهِ، إِلَّا أَنَّ سَعِيدًا يَقُولُ: الْحَارِثُ بْنُ غَيْطَلَةَ. وَعِكْرِمَةُ يَقُولُ: الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَصِدْقًا، هُوَ الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، وَأُمُّهُ غَيْطَلَةُ.

وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَمِقْسَمٍ، وقتادة، وغير واحد، أنهم كانوا خمسة.


(١) مسند البزار برقم (٢٢٢٢) "كشف الأستار" ونقل عنه الهيثمي قوله: "تفرد به يزيد بن درهم، عن أنس ولا أعلم له عن أنس غيره"، وقال الهيثمي في المجمع (٧/٤٦) : "فيه يزيد بن درهم، ضعفه ابن معين، ووثقه الفلاس".
(٢) في ت: "ابن".
(٣) زيادة من ت، أ.
(٤) في ت: "وغيره".
(٥) زيادة من ت، أ، وابن هشام والطبري.
(٦) في أ: "فاستقى".
(٧) في ت، أ: "فربض به".
(٨) انظر: السيرة النبوية لابن هشام (١/٤٠٩، ٤١٠) وتفسير الطبري (١٤/٤٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>