للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلت: الحمأة. قال: فما الحرْمَد؟ قلت: الأسود. قال: فدعا ابن عباس رجلا أو غلامًا فقال: اكتب ما يقول هذا الرجل.

وقال سعيد بن جبير: بينا ابن عباس يقرأ سورة الكهف فقرأ: (وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) فقال كعب: والذي نفس كعب بيده ما سمعت أحدًا يقرؤها كما أنزلت في التوراة غير ابن عباس، فإنا نجدها في التوراة: تغرب في مدرة سوداء.

وقال أبو يعلى الموصلي: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا هشام بن يوسف قال: في تفسير ابن جريج (وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا) قال: مدينة لها اثنا عشر ألف باب، لولا أصوات أهلها لسمع الناس وُجُوب الشمس حين تجب.

وقوله: (وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا) أي: أمة من الأمم، ذكروا أنها كانت أمة عظيمة من بني آدم.

وقوله: (قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا) معنى هذا: أن الله تعالى مكنه منهم (١) وحكمه فيهم، وأظفره بهم (٢) وخيره: إن شاء قتل وسبى، وإن شاء منّ أو فدى (٣). فعرف عدله وإيمانه فيما أبداه عدله وبيانه (٤)

في قوله: (أَمَّا مَنْ ظَلَمَ) أي: من استمر على كفره وشركه بربه (فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ) قال قتادة: بالقتل: وقال السدي: كان يحمي لهم بقر النحاس ويضعهم فيها (٥) حتى يذوبوا. وقال وهب بن منبه: كان يسلط الظلمة، فتدخل أفوافهم وبيوتهم، وتغشاهم من جميع جهاتهم والله أعلم.

وقوله: (٦) (ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا) أي: شديدًا بليغًا وجيعًا أليمًا. وفيه (٧) إثبات المعاد والجزاء.

وقوله: (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ) أي: تابعنا على ما ندعوه إليه من عبادة الله وحده لا شريك له (فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى) أي: في الدار الآخرة عند الله، ﷿، (وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا) قال مجاهد: معروفًا.

﴿ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (٨٩) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (٩٠) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (٩١)﴾.

يقول: ثم سلك طريقًا فسار من مغرب الشمس إلى مطلعها (٨)، وكان كلما مرّ بأمة قهرهم وغلبهم ودعاهم إلى الله ﷿، فإن أطاعوه وإلا أذلهم وأرغم آنافهم، واستباح أموالهم، وأمتعتهم واستخدم من كل أمة ما يستعين به مع جيوشه على أهل (٩) الإقليم المتاخم لهم. وذكر في أخبار بني إسرائيل أنه عاش ألفا وستمائة سنة يجوب (١٠) الأرض طولها والعرض (١١) حتى بلغ المشارق والمغارب. ولما انتهى إلى مطلع الشمس من الأرض كما قال الله تعالى: (وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ)


(١) في ت: "فيهم".
(٢) في ت: "وأظفره عليهم"، وفي ف، أ: "وأظهره عليهم".
(٣) في ف، أ: "وافتدى".
(٤) في ت: "وثباته".
(٥) في ف: "فيه".
(٦) في ت: "فقوله".
(٧) في أ: "وفي هذا".
(٨) في ت: "من مطلع الشمس إلى مغربها".
(٩) في أ: "قتال".
(١٠) في ف، أ: "يخرب".
(١١) في ف، أ: "طولها وعرضها".