للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير، ثنا كثير بن زيد، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، عن جده قال: كنا نتناوب رسول الله ، فنبيت عنده، تكون (١) له الحاجة، أو يطرقه أمر من الليل، فيبعثنا. فكثر المحتسبون (٢) وأهل النُّوب، فكنا نتحدث، فخرج علينا رسول الله فقال: "ما هذه النجوى؟ [ألم أنهكم عن النجوى] (٣). قال: فقلنا: تبنا إلى الله، أي نبيّ الله، إنما كنا في ذكر المسيح، وفرقنا منه، فقال: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم من المسيح عندي؟ " قال: قلنا: بلى. قال: "الشرك الخفي، أن يقوم الرجل يصلي لمكان الرجل". (٤)

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا عبد الحميد -يعني ابن بَهْرَام-قال: قال شَهْر بن حَوْشَب: قال ابن غنم: لما دخلنا مسجد الجابية أنا وأبو الدرداء، لقينا عبادة بن الصامت، فأخذ يميني بشماله، وشمال أبي الدرداء بيمينه، فخرج يمشي بيننا ونحن نتناجى، والله أعلم بما نتناجى به، فقال عبادة بن الصامت: إن طال بكما عمر أحدكما أو كليكما، لتوشكان (٥) أن تريا الرجل من ثبج المسلمين -يعني من وسط-قرأ القرآن على لسان محمد فأعاده وأبدأه، وأحل حلاله وحرم (٦) حرامه، ونزل عند منازله، لا يَحُورُ فيكم إلا كما يَحُور (٧) رأس الحمار الميت. قال: فبينما نحن كذلك، إذ طلع شداد بن أوس، ، وعوف بن مالك، فجلسا إلينا، فقال شداد: إن أخوف ما أخاف عليكم أيها الناس لما سمعت رسول الله يقول: "من الشهوة الخفية والشرك". فقال عبادة بن الصامت، وأبو الدرداء: اللهم غفرًا. أو لم يكن رسول الله قد حدثنا أن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب. وأما الشهوة الخفية (٨) فقد عرفناها، هي شهوات الدنيا من نسائها وشهواتها، فما هذا الشرك الذي تخوفنا به يا شداد؟ فقال شداد: أرأيتكم لو رأيتم رجلا يصلي لرجل، أو يصوم لرجل، [أو تصدق له، أترون أنه قد أشرك؟ قالوا: نعم، والله إنه من صلى لرجل أو صام له] (٩) أو تصدق له، لقد أشرك. فقال شداد: فإني سمعت رسول الله [يقول] (١٠): من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك؟ " فقال (١١) عوف بن مالك عند ذلك: أفلا يعمد الله إلى ما ابتغي به وجهه من ذلك العمل كله، فيقبل ما خلص له ويدع ما أشرك به؟ فقال شداد عن ذلك: فإني سمعت رسول الله يقول: "إن الله يقول: أنا خير قسيم لمن أشرك بي، من أشرك بي شيئًا فإن [حَشْده] (١٢) عمله قليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به، وأنا عنه غني" (١٣).

طريق [أخرى] (١٤) لبعضه: قال الإمام أحمد: حدثنا زيد بن الحُبَاب، حدثني عبد الواحد بن زياد، أخبرنا عبادة بن نُسيّ، عن شداد بن أوس، ، أنه بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: شيء سمعته من رسول الله يقوله [فذكرته] (١٥) فأبكاني، سمعت رسول الله يقول: "أتخوف على أمتي الشرك والشهوة الخفية". قلت: يا رسول الله، أتشرك أمتك [من بعدك؟] (١٦) قال: "نعم،


(١) في ت، ف: "تأذن"، وفي أ: "نأذن".
(٢) في أ: "المجسسون".
(٣) زيادة من ف، أ، والمسند.
(٤) المسند (٣/ ٣٠) وفي إسناده ربيح بن عبد الرحمن قال أحمد: ليس بمعروف، وقال البخاري: منكر الحديث.
(٥) في أ: "ليوشكان".
(٦) في ت: "فحرم".
(٧) في ت، ف، أ: "لايجوز منكم إلا كما يجوز".
(٨) في أ: "حفية".
(٩) زيادة من ف، أ، والمسند.
(١٠) زيادة من ف، أ، والمسند.
(١١) في ف، أ: "قال".
(١٢) زيادة من ف، أ.
(١٣) المسند (٤/ ١٢٥).
(١٤) زيادة من ف، أ.
(١٥) زيادة من ف، أ.
(١٦) زيادة من ف، أ.