للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال نوف البكالي: لما قالوا لأمه ما قالوا، كان يرتضع ثديه، فنزع الثدي من فمه، واتكأ على جنبه الأيسر، وقال: (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) إلى قوله: (مَا دُمْتُ حَيًّا)

وقال حماد بن سلمة، عن ثابت البُنَاني: رفع إصبعه السبابة فوق منكبه، وهو يقول: (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا) الآية.

وقال عكرمة: (آتَانِيَ الْكِتَابَ) أي: قضى أنه (١) يؤتيني الكتاب فيما قضى.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن المصفى، حدثنا يحيى بن سعيد (٢) عن عبد العزيز بن زياد، عن أنس بن مالك، ، قال: كان عيسى ابن مريم قد درس الإنجيل وأحكمه (٣) في بطن أمه فذلك قوله: (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا).

يحيى بن سعيد العطار الحمصي: متروك.

وقوله: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ) قال مجاهد، وعمرو بن قيس، والثوري: وجعلني معلمًا للخير. وفي رواية عن مجاهد: نَفَّاعًا.

وقال ابن جرير: حدثني سليمان بن عبد الجبار، حدثنا محمد بن يزيد (٤) بن خُنَيْس المخزومي، سمعت وُهَيْب بن الورد مولى بني مخزوم قال: لقي عالم عالمًا هو فوقه في العلم، فقال له: يرحمك الله، ما الذي أعلن من عملي؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فإنه دين الله الذي بعث به أنبياءه إلى عباده، وقد أجمع الفقهاء على قول الله: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ)، وقيل: ما بركته؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أينما كان.

وقوله: (وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) كقوله تعالى لمحمد : ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر: ٩٩].

وقال عبد الرحمن بن القاسم، عن مالك بن أنس في قوله: (وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) قال: أخبره بما هو كائن من أمره إلى أن يموت (٥)، ما أثبتها لأهل القدر.

وقوله: (وَبَرًّا بِوَالِدَتِي) أي: وأمرني ببر والدتي، ذكره بعد طاعة الله ربه؛ لأن الله تعالى كثيرًا ما يقرن (٦) بين الأمر بعبادته وطاعة الوالدين، كما قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: ٢٣] وقال ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ [لقمان: ١٤].

وقوله: (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا) أي: ولم يجعلني جبارًا مستكبرًا عن عبادته وطاعته وبر والدتي، فأشقى بذلك.

قال سفيان الثوري: الجبار الشقي: الذي يقبل (٧) على الغضب.


(١) في ف، أ: "أن".
(٢) في أ: "يحيى بن سعيد العطار".
(٣) في أ: "وأحكمها".
(٤) في أ: "زيد".
(٥) في أ: "أمره حتى يموت".
(٦) في أ: "قرن كثيرا".
(٧) في ف: "يقتل".