للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

، وموسى قبل عيسى بكذا وكذا؟ قال: فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله فقال: "ألا أخبرتهم أنهم كانوا يَتَسَمّون (١) بالأنبياء والصالحين قبلهم؟ ".

انفرد بإخراجه مسلم، والترمذي، والنسائي، من حديث عبد الله بن إدريس، عن أبيه، عن سماك، به (٢)، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن إدريس.

وقال ابن جرير: حدثني يعقوب، حدثنا ابن عُلَيَّة، عن سعيد بن أبي صدقة، عن محمد بن سيرين قال نُبِّئت أن كعبًا قال: إن قوله: (يَا أُخْتَ هَارُونَ): ليس بهارون أخي موسى. قال: فقالت له عائشة: كذبت، قال (٣) يا أم المؤمنين، إن كان النبي قاله، فهو أعلم وأخبر، وإلا فإني أجد بينهما ستمائة سنة. قال: فسكتت (٤) وفي هذا التاريخ نظر.

وقال ابن جرير أيضًا: حدثنا بشر، حدثنا يزيد، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) قال: كانت من أهل بيت يعرفون بالصلاح، ولا يعرفون بالفساد، [ومن الناس من يعرفون بالصلاح ويتوالدون به، وآخرون يعرفون بالفساد] (٥) ويتوالدون به. وكان هارون مصلحًا محببًا، في عشيرته، وليس بهارون أخي (٦) موسى، ولكنه هارون آخر، قال: وذكر لنا أنه شيع جنازته يوم مات أربعون ألفًا، كلهم يسمون هارون، من بني إسرائيل.

وقوله: (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) أي: إنهم لما استرابوا في أمرها واستنكروا قضيتها (٧)، وقالوا لها ما قالوا معرضين بقذفها ورميها بالفرْية، وقد كانت يومها ذلك صائمة، صامتة فأحالت الكلام عليه، وأشارت لهم إلى خطابه وكلامه، فقالوا متهكمين بها، ظانين أنها تزدري بهم وتلعب بهم: (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)؟

قال ميمون بن مِهْران: (فَأَشَارَتْ [إِلَيْهِ]) (٨)، قالت: كلموه. فقالوا: على ما جاءت به من الداهية تأمرنا أن نكلم من كان في المهد صبيا!

وقال السدي: لما أشارت إليه غضبوا، وقالوا: لَسُخْريَتُها (٩) بنا حين تأمرنا أن نكلم هذا الصبي أشد علينا من زناها.

(قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) أي: من هو موجود في مهده في حال صباه وصغره، كيف يتكلم؟ قال: (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ) أول شيء تكلم به أن نزه جناب ربه تعالى (١٠) وبرأ الله عن الولد، وأثبت لنفسه العبودية لربه.

وقوله: (آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا): تبرئة لأمه مما نسبت إليه من الفاحشة.


(١) في ف، أ: "يسمون".
(٢) المسند (٤/ ٢٥٢) وصحيح مسلم برقم (٢١٣٥) وسنن الترمذي برقم (٣١٥٥) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١٣١٥).
(٣) في ف، أ: "فقال".
(٤) تفسير الطبري (١٦/ ٥٨).
(٥) زيادة من ف، أ، والطبري.
(٦) في أ: "وليس أخي بهارون".
(٧) في ف، أ: "قصتها".
(٨) زيادة من ف، أ.
(٩) في أ: "لسخرتها".
(١٠) في ف، أ: "﷿".