للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الصنيع؟ فأخبره السدنة والبوابون (١) بأن هاهنا رجلا مجنونًا يقول: إنه رسول الله. فقال: عليّ به. فلما وقفا بين يديه قالا وقال لهما ما ذكر (٢) الله في كتابه.

وقوله: (قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ) أي: بدلالة ومعجزة من ربك، (وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى) أي: والسلام عليك إن اتبعت الهدى.

ولهذا لما كتب رسول الله إلى هرقل عظيم الروم [كتابًا، كان أوله: "بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم] (٣) سلام على من اتبع الهدى. أما بعد، [فإني أدعوك بدعاية الإسلام] (٤) فأسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين".

وكذلك لما كتب مسيلمة إلى رسول الله كتابًا صُورَتُه: "من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، سلام عليك. أما بعد، فإني قد أشركت (٥) في الأمر مَعَكَ، فلك المدر (٦) ولي الوبر، ولكن قريش (٧) قوم يعتدون". فكتب إليه رسول الله : "من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين" (٨).

ولهذا قال موسى وهارون، ، لفرعون: (وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى * إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) أي: قد أخبرنا الله فيما أوحاه إلينا من الوحي المعصوم أن العذاب متحمض لمن كذب بآيات الله وتولى عن طاعته، كما قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٣٧ - ٣٩] وقال تعالى: ﴿فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لا يَصْلاهَا إِلا الأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾ [الليل: ١٤ - ١٦] وقال تعالى: ﴿فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾ [القيامة: ٣١، ٣٢]. أي: كذب بقلبه وتولى بفعله.

﴿قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (٤٩) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (٥٠) قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى (٥١)

يقول تعالى مخبرًا عن فرعون أنه قال لموسى منكرًا وجود الصانع الخالق، إله كل شيء وربه ومليكه، قال: (فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى) أي: الذي بعثك وأرسلك مَنْ هو؟ فإني لا أعرفه، وما علمت لكم من إله غيري، (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى). قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس يقول: خلق لكل شيء زَوْجة.


(١) في أ: "والبوابين" وهو خطأ والصواب ما أثبتناه.
(٢) في ف: "ذكره".
(٣) زيادة من ف، أ.
(٤) زيادة من ف، أ.
(٥) في ف، أ: "اشتركت".
(٦) في أ: "فلك الدر".
(٧) في ف، أ: "قريشا".
(٨) السيرة النبوية لابن هشام (٢/ ٦٠٠).