للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي قراءة بعضهم "مهدا" أي: قرارا تستقرون (١) عليها وتقومون وتنامون عليها (٢) وتسافرون (٣) على ظهرها، (وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا) أي: جعل لكم طرقا تمشون في مناكبها، كما قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ [الأنبياء: ٣١].

(وَأَنزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى) أي: [من] (٤) ألوان النباتات من زروع وثمار، من حامض وحلو، وسائر الأنواع.

(كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ) أي: شيء لطعامكم وفاكهتكم، وشيء لأنعامكم لأقواتها خضرا ويابسًا.

(إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ) أي: لدلالات وحججا (٥) وبراهين (لأولِي النُّهَى) أي: لذوي العقول السليمة المستقيمة، على أنه لا إله إلا الله، ولا رب سواه.

(مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى)

أي: من الأرض مبدؤكم، فإن أباكم آدم مخلوق من تراب من أديم الأرض، (وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ) أي: وإليها تصيرون إذا متم وبليتم، ومنها نخرجكم تارة أخرى. ﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا﴾ [الإسراء: ٥٢].

وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ﴾ [الأعراف: ٢٥].

وفي الحديث الذي في السنن أن رسول الله حضر جنازة، فلما دفن الميت أخذ قبضة من التراب فألقاها في القبر ثم قال (٦) (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ) ثم [أخذ] (٧) أخرى وقال: (وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ). ثم أخذ أخرى وقال: (وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى).

وقوله (وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى)، يعني: فرعون، أنه قامت عليه الحجج والآيات والدلالات وعاين ذلك وأبصره، فكذب بها وأباها كفرا وعنادا وبغيا، كما قال تعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ [النمل: ١٤].

﴿قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (٥٧) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (٥٨) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (٥٩)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن فرعون أنه قال لموسى حين أراه الآية الكبرى، وهي إلقاء عصاه فصارت ثعبانًا عظيما ونزع يده من تحت جناحه فخرجت (٨) بيضاء من غير سوء فقال: هذا سحر، جئت به لتسحرنا وتستولي به على الناس، فيتبعونك وتكاثرنا بهم، ولا يتم هذا معك، فإن عندنا سحرًا مثل


(١) في ف: "يستقرون".
(٢) في ف: "ويقومون وينامون عليها".
(٣) في ف: "ويسافرون".
(٤) زيادة من ف، أ.
(٥) في أ: "وحجج" وهو خطأ والصواب ما أثبتناه.
(٦) في أ،: "وقال".
(٧) زيادة من، ف، أ.
(٨) في أ: "فتخرج.