للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا) أي: ما كان منا من الآثام، خصوصًا ما أكرهتنا عليه من السحر لنعارض به آية الله تعالى ومعجزة نبيه.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا سفيان بن عُيَيْنَة، عن أبي سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: (وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ) قال: أخذ فرعون أربعين غلامًا من بني إسرائيل فأمر أن يعلموا السحر بالفَرَمَا، وقال: علموهم تعليمًا لا يعلمه (١) أحد في الأرض. قال ابن عباس: فهم من الذين آمنوا بموسى، وهم من الذين قالوا: ([إِنَّا] (٢) آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ).

وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.

وقوله: (وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) أي: خير لنا منك (وَأَبْقَى) أي: أدوم ثوابًا مما كنت وعدتنا ومنيتنا. وهو رواية عن ابن إسحاق، .

وقال محمد بن كعب القُرَظِي: (وَاللَّهُ خَيْرُ) أي: لنا منك إن أطيع، (وَأَبْقَى) أي: منك عذابًا إن عُصِيَ.

وروي نحوه عن ابن إسحاق أيضًا:

والظاهر أن فرعون -لعنه الله-صمم على ذلك وفعله بهم، ؛ ولهذا قال ابن عباس وغيره من السلف: أصبحوا سحرة، وأمسَوْا شهداء.

﴿إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (٧٤) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلا (٧٥) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (٧٦)﴾.

الظاهر من السياق أن هذا من تمام ما وعظ به السحرة لفرعون، يحذرونه من نقمة الله وعذابه الدائم السرمدي، ويرغبونه في ثوابه الأبدي المخلد، فقالوا: (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا) أي: يلقى الله يوم القيامة وهو مجرم، (فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا) كقوله: ﴿لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ﴾ [فاطر: ٣٦]، وقال: ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا﴾ [الأعلى: ١١ - ١٣]، وقال تعالى: ﴿وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ [الزخرف: ٧٧].

وقال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا إسماعيل، أخبرنا سعيد بن يزيد، عن أبي نَضْرَة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : "أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن [الناس] (٣) تصيبهم النار بذنوبهم، فتميتهم إماتة، حتى إذا صاروا فحمًا، أذن في الشفاعة، جيء بهم ضبائر، ضبائر، فبُثُّوا على أنهار الجنة، فيقال: يا أهل الجنة، أفيضوا عليهم (٤) فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل"


(١) في أ: "يغلبهم".
(٢) زيادة من ف.
(٣) زيادة من ف، والمسند.
(٤) في ف، أ: "علينا".