للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (٩٥) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (٩٦) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (٩٧) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (٩٨)﴾.

يقول موسى، ، للسامري: ما حملك على ما صنعت؟ وما الذي عرض لك حتى فعلت ما فعلت؟

قال محمد بن إسحاق، عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان السامري رجلا من أهل بَاجَرْمَا، وكان من قوم يعبدون البقر، وكان حُبُّ عبادة البقر في نفسه، وكان قد أظهر الإسلام مع بني إسرائيل. وكان اسم السامري: موسى بن ظفر.

وفي رواية عن ابن عباس: [إنه] (١) كان من كرمان.

وقال قتادة: كان من قرية اسمها سامرا.

(قال بصرت بما لم يبصروا به) أي: رأيت جبريل حين جاء لهلاك فرعون، (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) أي: من أثر فرسه. وهذا هو المشهور عند كثير من المفسرين أو أكثرهم.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عمار بن الحارث، أخبرنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن السدي، عن أبي بن عمارة، عن علي، ، قال: إن جبريل، ، لما نزل فصعد بموسى إلى السماء، بصر به السامري من بين الناس، فقبض قبضة من أثر الفرس قال: وحمل جبريل موسى خلفه، حتى إذا دنا من باب السماء، صعد وكتب الله الألواح (٢) وهو يسمع صرير الأقلام في الألواح. فلما أخبره أن قومه قد فتنوا من بعده قال: نزل موسى، فأخذ العجل فأحرقه. غريب. وقال مجاهد: (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) قال: من تحت حافر فرس (٣) جبريل، قال: والقبضة ملء الكف، والقبضة بأطراف الأصابع.

قال مجاهد: نبذ السامري، أي: ألقى ما كان في يده على حلية بني إسرائيل، فانسبك عجلا جسدًا له خُوار حفيف الريح فيه، فهو خواره.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن يحيى، أخبرنا علي بن المديني، حدثنا يزيد بن زُرَيْع، حدثنا عمارة، حدثنا عكرمة؛ أن السامري رأى الرسول، فألقي في روعه أنك إن أخذت من أثر هذا الفرس قبضة فألقيتها في شيء، فقلت له: "كن فكان" فقبض قبضة من أثر الرسول، فيبست أصابعه على القبضة، فلما ذهب موسى للميقات وكان بنو إسرائيل استعاروا حلي آل فرعون، فقال لهم السامري: إنما أصابكم من أجل هذا الحلي، فاجمعوه. فجمعوه، فأوقدوا عليه، فذاب، فرآه السامري فألقي في روعه أنك لو قذفت هذه القبضة في هذه فقلت: "كن" كان. فقذف القبضة وقال: "كن"، فكان عجلا له خوار، فقال: ﴿هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى﴾.

ولهذا قال: (فَنَبَذْتُهَا) أي: ألقيتها مع من ألقى، (وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) أي: حَسَّنَتْهُ وأعجبها إذ ذاك.

(قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ) أي: كما أخذت ومَسَسْتَ ما لم


(١) زيادة من أ.
(٢) في ف: "وكتب الله الأقلام في الألواح".
(٣) في ف: "فرس حافر".