للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يكن أخذه ومسه من أثر الرسول، فعقوبتك في الدنيا أن تقول: "لا مساس" أي: لا تماسّ الناس ولا يمسونك.

(وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا) أي: يوم القيامة، (لَنْ تُخْلَفَهُ) أي: لا محيد لك عنه.

وقال قتادة: (أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ) قال: عقوبة لهم، وبقاياهم اليوم يقولون: لا مساس.

وقوله: (وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ) قال الحسن، وقتادة، وأبو نَهِيك: لن تغيب عنه.

وقوله: (وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ) أي: معبودك، (الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا) أي: أقمت على عبادته، يعني: العجل (لنحرقنه) قال الضحاك عن ابن عباس، والسدي: سَحَله (١) بالمبارد، وألقاه على النار.

وقال قتادة: استحال العجل من الذهب لحمًا ودمًا، فحرقه بالنار، ثم ألقاه، أي: رماده (٢) في البحر؛ ولهذا قال: (ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن رجاء، أنبأنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمارة بن (٣) عبد وأبي عبد الرحمن، عن علي، ، قال: إن موسى لما تعجل إلى ربه، عمد السامري فجمع ما قدر عليه من حلي نساء بني إسرائيل، ثم صوره عجلا قال: فعمد موسى إلى العجل، فوضع عليه المبارد، فبرّده بها، وهو على شط نهر، فلم يشرب أحد من ذلك الماء ممن كان يعبد العجل إلا اصفر وجهه مثل الذهب. فقالوا لموسى: ما توبتنا (٤)؟ قال: يقتل بعضكم بعضًا.

وهكذا قال السدي: وقد تقدم في تفسير سورة "البقرة" ثم في حديث "الفتون" بسط ذلك.

وقوله: (إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ [وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا) يقول لهم موسى، : ليس هذا إلهكم، إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو] (٥) أي: لا يستحق ذلك على العباد إلا هو، ولا تنبغي العبادة إلا له، فإن كل شيء فقير إليه، عبد لربه.

وقوله: (وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا) نصب على التمييز، أي: هو عالم بكل شيء، ﴿أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق: ١٢]، ﴿وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا﴾ [الجن: ٢٨]، فلا ﴿يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ﴾ [سبأ: ٣]، ﴿وَمَا (٦) تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [الأنعام: ٥٩]، ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [هود: ٦] والآيات في هذا كثيرة جدًّا.


(١) في ف: "ينتحله".
(٢) في ف: "ثم ألقى رماده".
(٣) في ف: "عن".
(٤) في ف، أ: "ما يريد منا".
(٥) زيادة من ف، أ.
(٦) في ف: "ولا".