للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بذلك، أفهؤلاء يؤمنون بالآيات لو (١) رَأَوْها دون أولئك؟ كلا بل ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الألِيمَ﴾ [يونس: ٩٦، ٩٧].

هذا كله، وقد شاهدوا من الآيات الباهرات، والحجج القاطعات، والدلائل البينات، على يدي رسول الله ما هو أظهر وأجلى، وأبهر وأقطع وأقهر، مما شُوهِدَ مع غيره من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

قال ابن أبي حاتم، : ذكر عن زيد بن الحباب، حدثنا ابن لَهِيعة، حدثنا الحارث بن زيد الحضرمي، عن علي بن رباح اللخمي، حدثني من شهد عبادة بن الصامت، يقول: كنا في المسجد ومعنا أبو بكر الصديق، ، يُقْرِئُ بعضنا بعضا القرآن، فجاء عبد الله بن أبي بن سلول، ومعه نُمْرُقة وزِرْبِيّة، فوضع واتكأ، وكان صبيحًا فصيحًا جدلا فقال: يا أبا بكر، قل لمحمد يأتينا بآية كما جاء الأولون؟ جاء موسى بالألواح، وجاء داود بالزبور، وجاء صالح بالناقة، وجاء عيسى بالإنجيل وبالمائدة. فبكى أبو بكر، ، فخرج رسول الله ، فقال أبو بكر: قوموا إلى رسول الله (٢) نستغيث به من هذا المنافق. فقال رسول الله : "إنه لا يقام لي، إنما يقام لله ﷿". فقلنا: يا رسول الله، إنا لقينا من هذا المنافق. فقال: "إن (٣) جبريل قال (٤) لي: اخرج فأخبر بنعم الله التي أنعم بها عليك، وفضيلته التي فُضِّلت بها، فبشرني أني بعثت إلى الأحمر والأسود، وأمرني أن أنذر الجن، وآتاني كتابه وأنا أمّي، وغفر ذنبي ما تقدم وما تأخر، وذكر اسمي في الأذان وأيدني (٥) بالملائكة، وآتاني النصر، وجعل الرعب أمامي، وآتاني الكوثر، وجعل حوضي من أعظم الحياض يوم القيامة، ووعدني المقام المحمود والناس مهطعون مقنعو (٦) رءوسهم، وجعلني في أول زمرة تخرج من الناس، وأدخل في شفاعتي سبعين ألفًا من أمتي الجنة بغير حساب وآتاني السلطان والملك، وجعلني في أعلى غرفة في الجنة في جنات النعيم (٧)، فليس فوقي أحد إلا الملائكة الذين يحملون العرش، وأحل لي (٨) الغنائم (٩)، ولم تحل لأحد كان قبلنا". وهذا الحديث غريب جدًا.

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧) وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (٨) ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (٩)﴾.

يقول تعالى رادِّا على من أنكر بعثة الرسل من البشر: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلا رِجَالا يُوحَى (١٠) إِلَيْهِمْ)


(١) في ف: "ولو".
(٢) في ف: "إلى رسوله".
(٣) في ف: "أتى".
(٤) في ف: "فقال".
(٥) في أ: "وأمرني".
(٦) في ف: "مقنعي".
(٧) في ف، أ: "عدن".
(٨) في ف، أ: "لي ولأمتي".
(٩) في أ: "المغانم".
(١٠) في ف، أ: "نوحي".