للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَقُولُ: لَا تَقُلْ.

وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنْهُ: لَا تَرْم أَحَدًا بِمَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بن الحَنفية: يَعْنِي شَهَادَةَ الزُّورِ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: لَا تَقُلْ: رَأَيْتُ، وَلَمْ تَرَ، وَسَمِعْتُ، وَلَمْ تُسْمِعْ، وَعَلِمْتُ، وَلَمْ تَعْلَمْ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُكَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.

وَمَضْمُونُ مَا ذَكَرُوهُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَهَى عَنِ الْقَوْلِ بِلَا عِلْمٍ، بَلْ بِالظَّنِّ الَّذِي هُوَ التَّوَهُّمُ وَالْخَيَالُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الْحُجُرَاتِ: ١٢] ، وَفِي الْحَدِيثِ: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أكذبُ الْحَدِيثِ" (١) . وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ: "بِئْسَ مطيةُ الرَّجُلِ: زَعَمُوا" (٢) ، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: "إِنَّ أَفَرَى الفِرَى أَنْ يُرِي (٣) عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَيَا" (٤) . وَفِي الصَّحِيحِ: "مَنْ تَحَلَّمَ حُلْمًا كُلف يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعيرتين، وَلَيْسَ بِعَاقِدٍ (٥) (٦) .

وَقَوْلُهُ: {كُلُّ أُولَئِكَ} أَيْ: هَذِهِ الصِّفَاتُ مِنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْفُؤَادِ {كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} أَيْ: سَيُسْأَلُ الْعَبْدُ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وتُسأل (٧) عَنْهُ وَعَمَّا عَمِلَ فِيهَا. وَيَصِحُّ اسْتِعْمَالُ "أُولَئِكَ" مَكَانَ "تِلْكَ"، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ (٨) .

ذُمَّ المَنَازلَ بَعْدَ مَنزلة اللِّوَى ... وَالْعَيْش بَعْدَ أولئِكَ الْأَيَّامِ ...

{وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا (٣٧) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (٣٨) } .

يَقُولُ تَعَالَى نَاهِيًا عِبَادَهُ، عَنِ التَّجَبّر وَالتَّبَخْتُرِ فِي الْمِشْيَةِ: {وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا} أَيْ: مُتَبَخْتِرًا مُتَمَايِلًا مَشْيَ الجَبَّارين {إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأرْضَ} أَيْ: لَنْ تَقْطَعَ الْأَرْضَ بِمِشْيَتِكَ (٩) قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَاسْتَشْهَدَ عَلَيْهِ بِقَوْلِ رُؤبة بْنِ العَجَّاج:

وقَاتِم الأعْمَاق خَاوي المُخترقْ (١٠)

وَقَوْلُهُ [تَعَالَى] (١١) : {وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا} أَيْ: بِتَمَايُلِكَ وَفَخْرِكَ وَإِعْجَابِكَ بنفسك، بل قد


(١) رواه البخاري في صحيحه برقم (٦٠٦٦) ومسلم في صحيحه برقم (٢٥٦٣) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.
(٢) برقم (٤٩٧٢) .
(٣) في ف، أ: "يرى الرجل".
(٤) رواه البخاري في صحيحه برقم (٧٠٤٣) من حديث ابن عمر، رضي الله عنهما.
(٥) في ف: "بفاعل".
(٦) رواه البخاري في صحيحه برقم (٧٠٤٢) معلقا، ووصله النسائي في السنن (٨/٢١٥) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.
(٧) في ت: "ويسأل".
(٨) هو جرير بن عطية، والبيت في تفسير الطبري (١٥/٦٢) .
(٩) في ت، ف: "بمشيك".
(١٠) تفسير الطبري (١٥/٦٣) .
(١١) زيادة من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>