للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٤١) قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣)﴾.

يقول تعالى مسليًا لرسوله [صلوات الله وسلامه عليه] (١) عما آذاه به المشركون من الاستهزاء والتكذيب: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) يعني: من العذاب الذي كانوا يستبعدون وقوعه، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الأنعام: ٣٤].

ثم ذكر تعالى نعمته على عبيده في حفظه لهم بالليل والنهار، وكلاءته وحراسته لهم بعينه التي لا تنام، فقال: (قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ)؟ أي: بدل الرحمن بمعنى غيره كما قال الشاعر (٢)

جَارية لَمْ تَلْبَس المُرقَّقا … وَلَم تَذق منَ البُقول الفُسْتُقا

أي: لم تذق بدل البقول الفستق.

وقوله تعالى: (بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ) أي: لا يعترفون (٣) بنعمه عليهم وإحسانه إليهم، بل يعرضون عن آياته وآلائه، ثم قال (أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا) استفهام إنكار وتقريع وتوبيخ، أي: ألهم آلهة تمنعهم وتكلؤهم غيرنا؟ ليس الأمر كما توهموا ولا كما (٤) زعموا؛ ولهذا قال: (لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ) أي: هذه [الآلهة] (٥) التي استندوا إليها غير الله لا يستطيعون نصر أنفسهم.

وقوله: (وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) قال العوفي، عن ابن عباس: (وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) أي: يجارون (٦) وقال قتادة لا يصحبون [من الله] (٧) بخير وقال غيره: (وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) يمنعون.


(١) زيادة من ف، أ.
(٢) هو أبو نخيلة يعمر بن حزن، والبيت في اللسان مادة (فسق) وصدره: دسته لم تأكل المرققا وقد حمل صاحب اللسان قوله بأنه ظن الفستق من البقول.
(٣) في ف، أ: "لا يعرفون".
(٤) في ف، أ: "ولا قد كما".
(٥) زيادة من ف، أ.
(٦) في ف، أ: "يجازون".
(٧) زيادة من ف.