للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تدعه ينام؟. فجعل (١) يصيح: من أجل أني إنسان مسكين، لو كنت غنيا؟ قال: فسمع أيضًا، فقال: ما لك؟ قال: ذهبت إليه فضربني. قال: امش حتى أجيء معك. قال: فهو ممسك بيده، فلما رآه ذهب معه نَثَر يده منه (٢) فَفَر.

وهكذا روي عن عبد الله بن الحارث، ومحمد بن قيس، وابن حُجَيرة الأكبر، وغيرهم من السلف، نحو من هذه القصة، والله أعلم.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو الجماهر (٣)، أخبرنا سعيد بن بشير، حدثنا قتادة، عن أبي كنانة بن الأخنس قال: سمعت الأشعري وهو يقول على هذا المنبر: ما كان ذو الكفل بنبي، ولكن كان -يعني: في بني إسرائيل-رجل صالح يصلي كل يوم مائة صلاة، فتكفل له ذو الكفل من بعده، فكان يصلي كل يوم مائة صلاة، فسمي ذا الكفل.

وقد رواه ابن جرير من حديث عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن قتادة قال: "قال أبو موسى الأشعري … " فذكره منقطعا (٤)، والله أعلم.

وقد روى الإمام أحمد حديثًا غريبًا فقال:

حدثنا أسباط بن محمد، حدثنا الأعمش، عن عبد الله بن عبد الله، عن سعد (٥) مولى طلحة، عن ابن عمر قال: سمعت من رسول الله حديثا لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين -حتى عدّ سبع مرات-ولكن قد سمعته أكثر من ذلك، قال: "كان الكفل من بني إسرائيل، لا يتورّع من ذنب عمله، فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارا، على أن يَطَأها، فلما قعد منها (٦) مَقعدَ الرجل من امرأته، أرعِدَت (٧) وبكت، فقال: ما يبكيك؟ أكْرَهْتُك؟ قالت: لا ولكن هذا عمل لم أعمله قط، وإنما حَمَلني عليه الحاجة. قال: فتفعلين هذا ولم تفعليه قط؟ فَنزل (٨) فقال: اذهبي فالدنانير لك". ثم قال: "والله لا يَعصي الله الكفل أبدًا. فمات من ليلته فأصبح مكتوبًا على بابه: قد غفر الله للكفل" (٩).

هكذا وقع في هذه الرواية "الكفل"، من غير إضافة، فالله أعلم. وهذا الحديث لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة (١٠)، وإسناده غريب، وعلى كل تقدير فلفظ الحديث إن كان "الكفل"، ولم يقل: "ذو الكفل"، فلعله رجل آخر، والله أعلم.


(١) في ف، أ: "قال: فجعل".
(٢) في أ: "منه فذهب".
(٣) في ف، أ: "أبو الجماهير".
(٤) تفسير الطبري (١٧/ ٦٠).
(٥) في ف، أ: "سعيد".
(٦) في أ: "معها".
(٧) في أ: "ارتعدت".
(٨) في ف: "ثم نزل".
(٩) المسند (٢/ ٢٣).
(١٠) قلت: بل أخرجه الترمذي في السنن برقم (٢٤٩٦) من طريق عبيد بن أسباط عن أبيه به، وقال: "هذا حديث حسن قد رواه شيبان وغير واحد عن الأعمش نحو هذا ورفعوه وروى بعضهم عن الأعمش فلم يرفعه".