للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال نوح: وأخبرني يزيد بن كعب -هو العَوْذي-عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قال: السجل كاتب (١) للنبي .

وهكذا رواه أبو داود والنسائي عن قتيبة بن سعيد (٢)، عن نوح بن قيس، عن يزيد بن كعب، عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس، قال: السجل كاتب (٣) للنبي (٤).

ورواه ابن جرير عن نصر بن علي الجهضمي، كما تقدم. ورواه ابن عدي من رواية يحيى بن عمرو بن مالك النُّكْريّ عن أبيه، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس قال: كان للنبي (٥) كاتب يسمى (٦) السجل وهو قوله: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ)، قال: كما يطوى السجل الكتاب، كذلك نطوي السماء، ثم قال: وهو غير محفوظ (٧).

وقال الخطيب البغدادي في تاريخه: أنبأنا أبو بكر البَرْقَاني، أنبأنا محمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي، أنبأنا أحمد بن الحسن الكرخي، أن حمدان بن سعيد حدثهم، عن عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: السجلّ: كاتب للنبي (٨).

وهذا منكر جدًّا من حديث نافع عن ابن عمر، لا يصح أصلا وكذلك ما تقدم عن ابن عباس، من رواية أبي داود وغيره، لا يصح أيضًا. وقد صرح جماعة من الحفاظ بوضعه -وإن كان في سنن أبي داود-منهم شيخنا الحافظ الكبير أبو الحجاج المِزِّي، فَسَح الله في عمره، ونَسَأ في أجله، وختم له بصالح عمله، وقد أفردت لهذا الحديث جزءًا على حدة (٩)، ولله الحمد. وقد تصدى الإمام أبو جعفر بن جرير للإنكار على هذا الحديث، ورده أتم رد، وقال: لا يُعَرف في الصحابة أحد (١٠) اسمه السجِل، وكُتَّاب النبي معروفون، وليس فيهم أحد اسمه السجل، وصَدَق في ذلك، وهو من أقوى الأدلة على نَكَارة هذا الحديث. وأما مَنْ ذكر في أسماء الصحابة هذا، فإنما اعتمد على هذا الحديث، لا على غيره، والله أعلم. والصحيح عن ابن عباس أن السجل هي الصحيفة، قاله علي بن أبي طلحة والعوفي، عنه. ونص على ذلك مجاهد، وقتادة، وغير واحد. واختاره ابن جرير؛ لأنه المعروف في اللغة، فعلى هذا يكون معنى الكلام: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) أي: على [هذا] (١١) الكتاب، بمعنى المكتوب، كقوله: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: ١٠٣]، أي: على الجبين، وله نظائر في اللغة، والله أعلم.

وقوله: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) يعني: هذا كائن لا محالة، يوم يعيد الله الخلائق خلقًا جديدًا، كما بدأهم هو القادر على إعادتهم (١٢)، وذلك واجب الوقوع، لأنه من


(١) في ت: "كانت".
(٢) في ت: "سعد".
(٣) في ت: "كانت".
(٤) سنن أبي داود برقم (٢٩٣٥) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١٣٣٥).
(٥) في ت: "كان لرسول الله".
(٦) في ت: "كانت تسمى".
(٧) الكامل (٧/ ٢٠٥).
(٨) تاريخ بغداد (٨/ ١٧٥).
(٩) في أ: "حدته".
(١٠) في ف: "لا يعرف أحد في الصحابة".
(١١) زيادة من ف، أ.
(١٢) في ت: "إعادته".