للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جملة وعد الله الذي لا يخلف ولا يبدل، وهو القادر على ذلك. ولهذا قال: (إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ).

وقال الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع وابن جعفر المعنى (١)، قالا (٢): حدثنا شعبة، عن المغيرة بن النعمان، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس قال: قام فينا رسول الله بموعظة فقال: "إنكم محشورون إلى الله ﷿ حفاة عراة غُرْلا (كما بدأنا أول خلق نعيده وعدًا علينا إنا كنا فاعلين) "؛ وذكر تمام الحديث، أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة. ورواه (٣) البخاري عند هذه الآية في كتابه (٤).

وقد روى ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن عائشة عن النبي (٥) ، نحو ذلك.

وقال العوفي، عن ابن عباس في قوله: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) قال: نهلك كل شيء، كما كان أول مرة.

﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (١٠٦) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)﴾.

يقول تعالى مخبرا عما حتمه وقضاه لعباده الصالحين، من السعادة في الدنيا والآخرة، ووراثة الأرض في الدنيا والآخرة، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الأرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف: ١٢٨]. وقال: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾ [غافر: ٥١]. وقال: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ [وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا] (٦)﴾، الآية [النور: ٥٥]. وأخبر تعالى أن هذا مكتوب مسطور في الكتب الشرعية والقدرية فهو كائن لا محالة؛ ولهذا قال تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ)، قال الأعمش: سألت سعيد بن جُبَير عن قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) فقال الزبور: التوراة، والإنجيل، والقرآن (٧).

وقال مجاهد: الزبور: الكتاب.

وقال ابن عباس، والشعبي، والحسن، وقتادة، وغير واحد: الزبور: الذي أنزل على داود، والذكر: التوراة، وعن ابن عباس: الزبور: القرآن.

وقال سعيد بن جُبَير: الذكر: الذي في السماء.


(١) في هـ، ت، ف، أ: "وابن جعفر، وعفان المعنى" والمثبت من المسند.
(٢) في ت: "قالوا".
(٣) في ت: "وذكره"، وفي ف، أ: "ذكره".
(٤) المسند (١/ ٢٣٥) وصحيح البخاري برقم (٤٦٢٥)، (٤٧٤٠) وصحيح مسلم برقم (٢٨٦٠).
(٥) في ت، ف: "عن رسول الله".
(٦) زيادة من ف، أ.
(٧) في أ: "الفرقان".