للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مجاهد: الزبور: الكتبُ بعد الذكر، والذكر: أمّ الكتاب عند الله.

واختار ذلك ابن جرير (١)، وكذا قال زيد بن أسلم: هو الكتاب الأول. وقال الثوري: هو اللوح المحفوظ. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الزبور: الكتب التي نزلت على الأنبياء، والذكر: أم الكتاب الذي (٢) يكتب فيه الأشياء قبل ذلك.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أخبر الله سبحانه (٣) في التوراة والزبور وسابق علمه قبل أن تكون السماوات والأرض، أن يُورثَ أمةَ محمد الأرض ويدخلهم الجنة، وهم الصالحون.

وقال مجاهد، عن ابن عباس: (أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) قال: أرض الجنة. وكذا قال أبو العالية، ومجاهد، وسعيد بن جُبَير، والشعبي، وقتادة، والسدي، وأبو صالح، والربيع بن أنس، والثوري [رحمهم الله تعالى] (٤).

وقوله: (إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ) أي: إن في هذا القرآن الذي أنزلناه على عبدنا محمد لبَلاغًا: لمَنْفعةً وكفاية لقوم عابدين، وهم الذين عبدوا الله بما شرعه وأحبه ورضيه، وآثروا طاعة الله على طاعة الشيطان وشهوات أنفسهم.

وقوله [تعالى] (٥): (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ): يخبر تعالى أن الله جَعَل محمدًا رحمة للعالمين، أي: أرسله رحمة لهم كلّهم، فمن قَبِل هذه الرحمةَ وشكَر هذه النعمةَ، سَعد في الدنيا والآخرة، ومن رَدّها وجحدها خسر في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ (٦) الْقَرَارُ﴾ [إبراهيم: ٢٨، ٢٩]، وقال الله تعالى في صفة القرآن: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [فصلت: ٤٤].

وقال مسلم في صحيحه: حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا مروان الفَزَاريّ، عن يزيد بن كَيْسَان، عن ابن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله، ادع على المشركين، قال: "إني لم أبعَثْ لَعَّانًا، وإنما بُعثْتُ رحمة". انفرد بإخراجه مسلم (٧).

وفي الحديث الآخر: "إنما أنا رحمة مهداة". رواه عبد الله بن أبي عرابة، وغيره، عن وَكِيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعا (٨). قال إبراهيم الحربي: وقد رواه غيره عن وكيع،


(١) تفسير الطبري (١٧/ ٨١).
(٢) في ت: "أم الكتاب والذي".
(٣) في ف: "الله تعالى".
(٤) زيادة من ف، أ.
(٥) زيادة من ت، وفي ف، أ: "﷿".
(٦) في ت، ف، أ: "فبئس".
(٧) صحيح مسلم برقم (٢٥٥٩).
(٨) رواه أبو الحسن السكري في "الفوائد المنتقاة" (١٥٧/ ٢). كما في السلسلة الصحيحة (١/ ٨٠٣) للألباني - حدثنا عبد الله بن محمد ابن أسد، حدثنا حاتم بن منصور الشاشي قال: حدثنا عبد الله بن أبي عرابة الشاشي به. ورواه غيره متصلا: فرواه عبد الله بن نصر الأصم عن وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا. خرجه ابن عدي في الكامل (٤/ ٢٣١) من طريق عمر بن سنان عن عبد الله بن نصر. وقال: "هكذا حدثناه عمر بن سنان عن عبد الله بن نصر عن وكيع عن الأعمش، وهذا غير محفوظ عن وكيع عن الأعمش، إنما يرويه مالك بن سعيد عن الأعمش، وعبد الله بن نصر هذا له غير ما ذكرت مما أنكرت عليه".