للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابْنُ جَرِيرٍ (١) عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهَا الْأَيْلَةُ (٢) وَفِي الْحَدِيثِ: "حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ لِئَامًا" (٣) أَيْ: بُخَلَاءَ {فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} إِسْنَادُ الْإِرَادَةِ هَاهُنَا إِلَى الْجِدَارِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ، فَإِنَّ الْإِرَادَةَ فِي الْمُحْدَثَاتِ بِمَعْنَى الْمَيْلِ. وَالِانْقِضَاضُ هُوَ: السُّقُوطُ.

وَقَوْلُهُ: {فَأَقَامَهُ} أَيْ: فَرَدَّهُ إِلَى حَالَةِ الِاسْتِقَامَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ رَدَّهُ بِيَدَيْهِ، وَدَعَمَهُ حَتَّى رَدَّ مَيْلَهُ. وَهَذَا خَارِقٌ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ مُوسَى لَهُ {لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} (٤) أَيْ: لِأَجْلِ أَنَّهُمْ لَمْ يُضَيِّفُونَا كَانَ يَنْبَغِي أَلَّا تَعْمَلَ لَهُمْ مَجَّانًا (٥)

{قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [أَيْ: لِأَنَّكَ شَرَطْتَ عِنْدَ قَتْلِ الْغُلَامِ أَنَّكَ إِنْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي، فَهُوَ فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ] (٦) ، {، سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ} أَيْ: بِتَفْسِيرِ {مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} .

{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (٧٩) } .

هذا تفسير ما أشكل أمره على موسى، عليه السلام، وما كان أنكر ظاهره وقد أظهر الله الخضر، عليه السلام، على (٧) باطنة فقال إن: السفينة (٨) إنما خرقتها لأعيبها؛ [لأنهم كانوا يمرون بها على ملك من الظلمة {يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ} صالحة، أي: جيدة {غَصْبًا} فأردت أن أعيبها] (٩) لأرده عنها لعيبها (١٠) ، فينتفع بها أصحابها المساكين الذين لم يكن لهم شيء ينتفعون به غيرها. وقد قيل: إنهم أيتام.

و [قد] (١١) روى ابْنُ جُرَيْجٍ (١٢) عَنْ وَهْبِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ شعيب الجبائي؛ أن اسم ذلك الملك هُدَدَ (١٣) بن بُدَدَ، وقد تقدم أيضًا في رواية البخاري، وهو مذكور في التوراة في ذرية "العيص بن إسحاق" وهو من الملوك المنصوص عليهم في التوراة، والله أعلم (١٤)

{وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (٨٠) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (٨١) }

قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الْغُلَامَ كَانَ اسْمُهُ جَيْسُور. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَبَاسٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْغُلَامُ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا". رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا}


(١) في أ: "جريج".
(٢) في ت: "الأيكة".
(٣) رواه أحمد في مسنده (٥/١١٩) من طريق أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، عن أبي بن كعب، رضي الله عنهما.
(٤) في ت: "اتخذت" وهو خطأ.
(٥) في ت: "يعمل مجانا".
(٦) زيادة من ف، أ.
(٧) في ت، ف، أ: "على حكمة".
(٨) في ت: "فقال له السفينة"، وفي ف: "أما السفينة".
(٩) زيادة من ف، أ.
(١٠) في ت: "لعينها".
(١١) زيادة من ف، أ.
(١٢) في ت: "جرير".
(١٣) في أ: "هود".
(١٤) في ف: "فالله أعلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>