وتتنظفون، فله الحمد والمنة.
وقوله: (فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ) يعني: فأخرجنا لكم بما أنزلنا من الماء (جَنَّاتٍ) أي: بساتين وحدائق ذات بهجة، أي: ذات منظر حسن.
وقوله: (مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ) أي: فيها نخيل وأعناب. وهذا ما كان يألف أهل الحجاز، ولا فرق بين الشيء وبين نظيره، وكذلك في حق كل أهل إقليم، عندهم من الثمار من نعمة الله عليهم ما يَعْجِزُون عن القيام بشكره.
وقوله: (لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ) أي: من جميع الثمار، كما قال: ﴿يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ [النحل: ١١].
وقوله: (وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) كأنه معطوف على شيء مقدر، تقديره: تنظرون إلى حسنه ونضجه، ومنه تأكلون.
وقوله: (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ) يعني: الزيتونة. والطور: هو الجبل. وقال بعضهم: إنما يسمى طورا إذا كان فيه شجر، فإن عَرى عنها سمي جَبَلا لا طورًا، والله أعلم. وطور سيناء: هو طور سينين، وهو الجبل الذي كَلَّم [الله] (١) عليه موسى بن عمران، ﵇، وما حوله من الجبال التي فيها شجر الزيتون.
وقوله: (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ): قال بعضهم: الباء زائدة، وتقديره: تنبت الدهن، كما في قول العرب: ألقى فلان بيده، أي: يده. وأما على قول من يُضَمِّن الفعل فتقديره: تخرج بالدهن، أو (٢) تأتي بالدهن؛ ولهذا قال: (وَصِبْغٍ) أي: أدْم، قاله قتادة. (لِلآكِلِينَ) أي: فيها ما ينتفع به من الدهن والاصطباغ، كما قال الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع، عن عبد الله بن عيسى، عن عطاء الشامي، عن أبي أسَيْد -واسمه مالك بن ربيعة الساعدي الأنصاري-قال: قال رسول الله ﷺ: "كلوا الزيت وادهنوا به (٣)؛ فإنه من شجرة مباركة" (٤).
وقال عبد بن حُمَيد في مسنده وتفسيره: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر؛ أن رسول الله ﷺ قال: "ائتدموا بالزيت وادهنوا به، فإنه يخرج من شجرة مباركة".
ورواه الترمذي وابن ماجه من غير وجه، عن عبد الرزاق (٥). قال الترمذي: ولا يعرف إلا من
(١) زيادة من ف، وفي أ: "والله تعالى".
(٢) في ف، أ: "أي".
(٣) في أ: "بالزيت".
(٤) المسند (٣/ ٤٩٧).
(٥) المنتخب لعبد بن حميد برقم (١٣) وسنن الترمذي برقم (١٨٥١) وسنن ابن ماجه برقم (٣٣١٩).