للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبي حازم، عن أبي هريرة، عن النبي نحو هذا (١).

وهكذا قال ابن عباس، ومحمد بن كعب القرظي، والحسن البصري في تفسير هذه الآية.

وقد قرأ آخرون هذه الآية: "والذين يأتون ما أتوا وقلوبهم وجلة" أي: يفعلون ما يفعلون وهم خائفون، وروي هذا مرفوعًا إلى النبي أنه قرأ كذلك.

قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا صخر بن جُوَيْرِية، حدثنا إسماعيل المكي، حدثني أبو خلف مولى بني جُمَح: أنه دخل مع عُبَيد بن عُمَيْر على (٢) عائشة، ، فقالت: مرحبًا بأبي عاصم، ما يمنعك أن تزورنا -أو: تُلِمّ بنا؟ -فقال: أخشى أن أمُلَّك. فقالت: ما كنت لتفعل؟ قال: جئت لأسأل (٣) عن آية في كتاب الله ﷿، كيف كان رسول الله يقرؤها؟ قالت: أيَّة آية؟ فقال: (الَّذِينَ يَأْتُونَ مَا أَتَوْا) أو (الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا)؟ فقالت: أيتهما (٤) أحب إليك؟ فقلت: والذي نفسي بيده، لإحداهما أحب إلي من الدنيا جميعًا (٥) -أو: الدنيا وما فيها-قالت: وما هي؟ فقلت: (الَّذِينَ يَأْتُونَ مَا أَتَوْا) فقالت: أشهد أن رسول الله كذلك كان يقرؤها، وكذلك أنزلت، ولكن الهجاء حرف (٦).

إسماعيل بن مسلم المكي، وهو ضعيف.

والمعنى على القراءة الأولى -وهي قراءة الجمهور: السبعة وغيرهم-أظهر؛ لأنه قال: (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)، فجعلهم من السابقين. ولو كان المعنى على القراءة الأخرى لأوشك ألا يكونوا من السابقين، بل من المقتصدين أو المقصرين، والله تعالى أعلم.

﴿وَلا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٢) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (٦٣) حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (٦٤) لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ (٦٥) قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (٦٦) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (٦٧)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن عدله في شرعه على عباده في الدنيا: أنه لا يكلف نفسًا إلا وسعها، أي: إلا ما تطيق حمله والقيام به، وأنه يوم القيامة يحاسبهم بأعمالهم التي كتبها عليهم في كتاب مسطور لا يضيع منه شيء؛ ولهذا قال: (وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ) يعني: كتاب الأعمال، (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) أي: لا يبخسون من الخير شيئا، وأما السيئات فيعفو ويصفح عن كثير منها لعباده المؤمنين.


(١) سنن الترمذي برقم (٣١٧٥).
(٢) في أ: "إلى".
(٣) في ف: "لأسألك".
(٤) في أ: "أيتها".
(٥) في ف: "جميعها".
(٦) المسند (٦/ ٩٥).