للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا): قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أي لا بد أن يقولها لا محالة كل محتضر ظالم.

ويحتمل أن يكون ذلك علة لقوله: "كلا"، أي: لأنها كلمة، أي: سؤاله الرجوع ليعمل صالحا هو كلام منه، وقول لا عمل معه، ولو رد لما عمل صالحا، ولكان يكذب في مقالته هذه، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾

وقال محمد بن كعب القرظي: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ) قال: فيقول الجبار: (كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا).

وقال عمر بن عبد الله مولى غُفْرَة: إذا سمعت الله يقول: (كَلا) فإنما يقول: كذب. (١)

وقال قتادة في قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ): قال: كان العلاء بن زياد يقول: لينزل أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت، فاستقال ربه فأقاله، فليعمل بطاعة الله ﷿.

وقال قتادة: والله ما تمنى أن يرجع إلى أهل ولا إلى عشيرة، ولكن تمنى أن يرجع فيعمل بطاعة الله، فانظروا أمنية الكافر المفرط فاعملوا بها، ولا قوة إلا بالله. وعن محمد بن كعب القرظي نحوه.

وقال محمد بن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا فضيل -يعني: ابن عياض-عن لَيْث، عن طلحة بن مُصَرِّف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: إذا وضع -يعني: الكافر-في قبره، فيرى مقعده من النار. قال: فيقول: رب، ارجعون أتوب وأعمل صالحا. قال: فيقال: قد عُمِّرت ما كنت مُعَمَّرا. قال: فيضيق عليه قبره، قال: فهو كالمنهوش، ينام ويفزع، تهوي (٢) إليه هَوَامّ الأرض وحياتها وعقاربها.

وقال أيضا: حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن علي، حدثني سلمة بن تمام، حدثنا علي بن زيد (٣). عن سعيد بن المسيب، عن عائشة، أنها قالت: ويل لأهل المعاصي من أهل القبور!! تدخل (٤) عليهم في قبورهم حيات سود -أو: دُهُم-حية عند رأسه، وحية عند رجليه، يقرصانه حتى يلتقيا (٥) في وسطه، فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله تعالى: (وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)

وقال أبو صالح وغيره في قوله تعالى: (وَمِنْ وَرَائِهِمْ) يعني: أمامهم.

وقال مجاهد: البرزخ: الحاجز ما بين الدنيا والآخرة.

وقال محمد بن كعب: البرزخ: ما بين الدنيا والآخرة. ليسوا (٦) مع أهل الدنيا يأكلون ويشربون، ولا مع أهل الآخرة يجازون بأعمالهم.

وقال أبو صخر: البرزخ: المقابر، لا هم في الدنيا، ولا هم في الآخرة، فهم مقيمون إلى يوم


(١) في ف: "كذبت".
(٢) في ف، أ: "ويهوي".
(٣) في أ: "يزيد".
(٤) في ف، أ: "يدخل".
(٥) في ف: "تقرصانه حتى تلتقيا".
(٦) في ف، أ: "ليس".