للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يبعثون.

وفي قوله: (وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ): تهديد لهؤلاء المحتضرين من الظلمة بعذاب البرزخ، كما قال: ﴿مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ﴾ [الجاثية: ١٠] وقال ﴿وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾ [إبراهيم: ١٧].

وقوله: (إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أي: يستمر به العذاب إلى يوم البعث، كما جاء في الحديث: "فلا يزال معذبا فيها" (١)، أي: في الأرض.

﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (١٠٣) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (١٠٤)﴾.

يخبر تعالى أنه إذا نفخ في الصور نفخة النشور، وقام الناس من القبور، (فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ) أي: لا تنفع الأنساب يومئذ، ولا يرثي والد لولده، ولا يلوي عليه، قال الله تعالى: ﴿وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا * يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ [المعارج: ١٠، ١١] أي: لا يسأل القريب قريبه وهو يبصره، ولو كان عليه من الأوزار ما قد أثقل ظهره، وهو أعز الناس عليه -كان-في الدنيا، ما التفت إليه ولا حمل عنه وزن جناح بعوضة، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: ٣٤ - ٣٧].

وقال ابن مسعود: إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ثم نادى مناد: ألا من كان له مظلمة فليجئ فليأخذ حقه: قال: فيفرح (٢) المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيرا; ومصداق ذلك في كتاب الله: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ) رواه ابن أبي حاتم.

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد -مولى بني هاشم-حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثتنا أم بكر بنت المِسْوَر بن مَخْرَمَة، عن عُبَيْد الله بن أبي رافع، عن المِسْوَر -هو ابن مَخْرَمَة- قال: قال رسول الله : فاطمة بَضْعَةٌ مني، يَقْبِضُني ما يقبضها، ويَبْسُطني ما يبسطها (٣) وإن الأنساب تنقطع (٤) يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري". (٥)

هذا الحديث له أصل في الصحيحين عن المسور أن (٦) رسول الله قال: "فاطمة بضعة مني،


(١) رواه الترمذي في السنن برقم (١٠٧١) من حديث أبي هريرة ، وقال: "حديث حسن غريب".
(٢) في أ: "فيفرح والله".
(٣) في أ: "يفيضني ما يفيضها وينشطني ما ينشطها".
(٤) في أ: "منقطع".
(٥) المسند (٤/ ٣٢٣).
(٦) في ف، أ: "عن".