للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأرسلوا إليها، فجاءت، فتلاها رسول الله عليهما، وذكرهما وأخبرهما أن عذابَ الآخرة أشدّ من عذاب الدنيا. فقال هلال: والله -يا رسول الله -لقد صَدَقتُ عليها. فقالت: كذب. فقال رسول الله : "لاعنوا بينهما". فقيل لهلال: اشهد. فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، فلما كان في الخامسة قيل له: يا هلال، اتق الله، فإن عذاب الدنيا أهونُ من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبةُ التي توجب عليك العذاب. فقال: والله لا يعذبني الله عليها، كما لم يجلدني عليها. فشهد في الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم قيل [لها: اشهدي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، فلما كانت الخامسة قيل] (١) لها: اتقي الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبةُ التي توجب عليك العذاب. فتلكأت ساعة، ثم قالت: والله لا أفضح قومي فشهدت في الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. ففرق رسول الله بينهما، وقضى ألا يدعى ولدها لأب ولا يرمى ولدها، ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد، وقضى ألا [بيت لها عليه ولا] (٢) قوت لها، من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق، ولا مُتَوَفى عنها. وقال: "إن جاءت به أصَيْهِب أرَيسح حَمْش الساقين فهو لهلال، وإن جاءت به أورق جَعدًا جَمَاليًّا خَدلَّج الساقين سابغ الأليتين، فهو الذي رميت به" فجاءت به أورق جعدا جماليًّا خدلج الساقين سابغ الأليتين، فقال رسول الله : "لولا الأيمان لكان لي ولها شأن".

قال عكرمة: فكان بعد ذلك أميرًا على مصر، وكان يدعى لأمه ولا يدعى لأب.

ورواه أبو داود عن الحسن بن عليّ، عن يزيد (٣) بن هارون، به نحوه مختصرًا (٤).

ولهذا الحديث شواهد كثيرة في الصحاح وغيرها من وجوه كثيرة. فمنها ما قال البخاري: حدثني محمد بن بَشَّار، حدثنا ابن أبي عَدِيّ، عن هشام بن حسان، حدثني عِكْرِمَة، عن ابن عباس؛ أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي بشَرِيك بن سَحْماء، فقال رسول الله (٥) : " البينة أو حَدُّ في ظهرك" فقال: يا رسول الله، إذا أري (٦) أحدنا على امرأته رجلا ينطلقُ يلتمس البينة؟ فجعل النبي يقول: "البينة وإلا حدّ في ظهرك". فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، ولينزلن (٧) الله ما يُبرئ ظهري (٨) من الحد. فنزل جبريل، وأنزل (٩) عليه: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ)، فقرأ حتى بلغ: (إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فانصرف النبي فأرسل إليهما، فجاء هلال فشهد، والنبي يقول: "الله يشهد أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب"؟ ثم قامت فشهدت، فلما كانت عند الخامسة وَقَّفُوها وقالوا: إنها مُوجبة. قال ابن عباس: فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم. فمضت، فقال النبي : "أبْصِرُوها، فإن جاءت به أكحلَ العينين، سابغ الأليتين، خَدَلَّج الساقين، فهو لشَرِيك بن سَحْمَاءَ". فجاءت به كذلك، فقال النبي : "لولا ما مضى من كتاب الله، لكان لي ولها شأن".


(١) زيادة من ف، أ، والمسند.
(٢) زيادة من ف، أ، والمسند.
(٣) في ف: "زيد".
(٤) المسند (١/ ٢٣٨) وسنن أبي داود برقم (٢٢٥٦).
(٥) [في ف، أ: "النبي".
(٦) في ف، أ: "رأى".
(٧) في ف: "ولينزل".
(٨) في ف: "ما يطهرني".
(٩) في ف: "فأنزل".