للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولما فصل تعالى (١) هذه الأحكام وبَيَّنها قال: (وَلَقَدْ أَنزلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ) يعني: القرآن فيه آيات واضحات مفسرات، (وَمَثَلا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) أي: خبرا عن الأمم الماضية، وما حلَّ بهم في مخالفتهم أوامرَ الله تعالى (٢)، كما قال تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلا لِلآخِرِينَ﴾ [الزخرف: ٥٦]

(وَمَوْعِظَةً) أي: زاجرًا عن ارتكاب المآثم والمحارم (لِلْمُتَّقِينَ) أي: لمن اتقى الله وخافه.

قال علي بن أبي طالب، ، في صفة القرآن: فيه حكم ما بينكم، وخبر ما قبلكم، ونبأ ما بعدكم، وهو الفَصْل ليس بالهَزْل، مَنْ تركه من جَبَّار قَصَمَه الله، ومن ابتغى الهدى من (٣) غيره أضله الله.

﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣٥)

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) يقول: هادي أهل السموات والأرض.

وقال ابن جُرَيْج: قال مجاهد وابن عباس في قوله: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) يدبر الأمر فيهما، نجومهما وشمسهما وقمرهما.

وقال ابن جرير: حدثنا سليمان بن عمر بن خالد الرَقِّي، حدثنا وهب بن راشد، عن فَرْقَد، عن أنس بن مالك قال: إن إلهي يقول: نوري هداي.

واختار هذا القول ابن جرير، .

وقال أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبيّ بن كعب في قول الله تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) قال: هو المؤمن الذي جعل [الله] (٤) الإيمان والقرآن في صدره، فضرب الله مثله فقال: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) فبدأ بنور نفسه، ثم ذكر نور المؤمن فقال: مثل نور من آمن به. قال: فكان أُبي بن كعب يقرؤها: "مثل نور من آمن به (٥) فهو المؤمن جعل الإيمان والقرآن في صدره".

وهكذا قال (٦) سعيد بن جُبير، وقيس بن سعد، عن ابن عباس أنه قرأها كذلك: "نور من آمن بالله".

وقرأ بعضهم: "اللَّهُ نَوَّر السَّمَوَاتِ وَالأرْض".

وعن الضحاك: "اللَّهُ نَوَّر السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ".


(١) في ف، أ: "ولما فصل ".
(٢) في ف، أ: "﷿".
(٣) في أ: "في".
(٤) زيادة من ف، أ.
(٥) في أ: "بالله".
(٦) في ف: "روى".