للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (٣٦)

لما ضرب الله تعالى [مثل] (١) قلب المؤمن، وما فيه من الهدى والعلم، بالمصباح في الزجاجة الصافية المتوقّد من زيت طيب، وذلك كالقنديل، ذكر محلها وهي المساجد، التي هي أحب البقاع إلى الله تعالى من الأرض، وهي بيوته التي يعبد فيها ويُوَحّد، فقال: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ) أي: أمر الله تعالى برفعها، أي: بتطهيرها من الدنس واللغو، والأفعال والأقوال التي لا تليق فيها، كما قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في هذه الآية الكريمة: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ) قال: نهى الله سبحانه عن اللغو فيها. وكذا قال عكرمة، وأبو صالح، والضحاك، ونافع بن جبير، وأبو بكر بن سليمان بن أبي حَثْمة (٢) وسفيان بن حسين، وغيرهم من علماء المفسرين. (٣)

وقال قتادة: هي هذه المساجد، أمر الله، سبحانه، ببنائها ورفعها، وأمر بعمارتها وتطهيرها. وقد ذكر لنا أن كعبًا كان يقول: إن في التوراة مكتوبًا: " ألا إن بيوتي في الأرض المساجد، وإنه من توضأ فأحسن وضوءه، ثم زارني في بيتي أكرمته، وحَقّ على المَزُور كرامةُ الزائر". رواه عبد الرحمن بن أبي حاتم في تفسيره.

وقد وردت أحاديث كثيرة في بناء المساجد، واحترامها وتوقيرها، وتطييبها وتبخيرها. وذلك له محل مفرد يذكر فيه، وقد كتبت في ذلك جزءًا على حدَة، ولله الحمد والمنة. ونحن بعون الله تعالى نذكر (٤) هاهنا طرفا من ذلك، إن شاء الله تعالى، وبه الثقة وعليه التكلان:

فعن أمير المؤمنين عثمان بن عفان، ، قال: سمعتُ رسول الله يقول: "من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله، بنى الله له مثله في الجنة". أخرجاه في الصحيحين (٥).

وروى ابن ماجه، عن عمر بن الخطاب، ، قال: قال رسول الله : "من بنى مسجدا يذكر فيه اسم الله، بنى الله له بيتا في الجنة" (٦).

وللنسائي عن عمرو بن عَبَسَة (٧) مثله (٨). والأحاديث في هذا كثيرة جدا.

وعن عائشة ، قالت: أمر رسول الله ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف


(١) زيادة من ف، أ.
(٢) في ف، أ: "خيثمة".
(٣) في ف، أ: "التفسير".
(٤) في ف: "سنذكر".
(٥) صحيح البخاري برقم (٤٥٠) وصحيح مسلم برقم (٥٣٣).
(٦) سنن ابن ماجه برقم (٧٣٥) من طريق الوليد بن أبي الوليد عن عثمان بن عبد الله عن عمر. وقال البوصيري في الزوائد (١/ ٢٦٠): "هذا إسناد مرسل، عثمان بن عبد الله بن سراقة روى عن عمر وهو جده لأمه، ولم يسمع منه. قاله المزي".
(٧) في أ: "عنبسة".
(٨) سنن النسائي (٢/ ٣١).