للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ورواه ابن ماجه أيضًا (١) وفي إسنادهما (٢) ضعف.

أما أنه "لا يتخذ طريقًا" فقد كره بعض العلماء المرور فيه إلا لحاجة إذا وَجَد مندوحة عنه. وفي الأثر: "إن الملائكة لتتعجب من الرجل يمر بالمسجد لا يصلي فيه".

وأما أنه "لا يشهر فيه بسلاح (٣). ولا ينبض فيه بقوس، ولا ينثر فيه نبل" (٤). فلما يخشى من إصابة بعض الناس به، لكثرة المصلين فيه؛ ولهذا أمر رسول الله إذا مر أحد بسهام أن يقبض على نصالها؛ لئلا يؤذي أحدًا، كما ثبت في الصحيح (٥).

وأما النهي عن المرور باللحم النيء فيه، فَلِما يخشى من تقاطر الدم منه، كما نهيت الحائض عن المرور فيه إذا خافت التلويث.

وأما أنه "لا يضرب فيه حد ولا يقتص"، فلما يخشى من إيجاد نجاسة فيه من المضروب أو المقطوع.

وأما أنه "لا يتخذ سوقًا"، فلما تقدم من النهي عن البيع والشراء فيه، فإنه إنما بني لذكر الله والصلاة كما قال النبي ، (٦) لذلك الأعرابي الذي بال في طائفة المسجد: "إن المساجد لم تبن لهذا، إنما بنيت لذكر الله والصلاة فيها". ثم أمر بسَجْل من ماء، فأهريق على بوله (٧).

وفي الحديث الثاني: "جَنِّبوا مساجدكم صبيانكم"، وذلك لأنهم يلعبون فيه ولا يناسبهم، وقد كان عمر بن الخطاب، ، إذا رأى صبيانًا يلعبون في المسجد (٨)، ضربهم بالمِخْفَقَة -وهي الدِّرَّة -وكان يَعُسّ (٩) المسجد بعد العشاء، فلا يترك فيه أحدًا.

"ومجانينكم" يعني: لأجل ضعف عقولهم، وسَخْر الناس بهم، فيؤدي إلى (١٠) اللعب فيها، ولما يخشى من تقذيرهم المسجد، ونحو ذلك.

"وبيعكم وشراءكم" كما تقدم.

"وخصوماتكم" يعني: التحاكم والحكم فيه؛ ولهذا نص كثير من العلماء على أن الحاكم لا ينتصب لفصل الأقضية في المسجد، بل يكون في موضع غيره؛ لما فيه من كثرة الحكومات والتشاجر والعياط (١١) الذي لا يناسبه؛ ولهذا قال بعده: "ورفع أصواتكم".

وقال البخاري: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا الجُعَيْد (١٢) بن عبد الرحمن قال: حدثني (١٣) يزيد بن خُصَيفَة (١٤)، عن السائب بن يَزيدَ الكنْديِّ قال: كنت قائمًا في المسجد، فحصبني رجل، فنظرت فإذا عمر (١٥) بن الخطاب، فقال: اذهب فأتني بهذين. فجئته بهما، فقال: من أنتما؟ أو: من أين أنتما؟ قالا من أهل الطائف. قال: لو كنتما من أهل


(١) سنن ابن ماجه برقم (٧٥٠) وقال البوصيري في الزوائد (١/ ٢٦٥): "هذا إسناد ضعيف، أبو سعيد هو محمد بن سعيد المصلوب، قال أحمد: عمدا كان يضع الحديث، ثم قال: والحارث بن نبهان ضعيف".
(٢) في ف، أ: "إسناده".
(٣) في أ: "السلام".
(٤) في ف: "بنبل".
(٥) رواه مسلم في صحيحه برقم (٢٦١٥) من حديث أبي موسى الأشعري.
(٦) في أ: "".
(٧) رواه مسلم في صحيحه برقم (٢٨٤) من حديث أنس بن مالك، .
(٨) في ف: "فيه".
(٩) في ف، أ: "يفتش".
(١٠) في أ: "على".
(١١) في أ: "والغياظ".
(١٢) في ف، أ: "الجعد".
(١٣) في ف، أ: "عن".
(١٤) في ف، أ: "حفصة".
(١٥) في ف، أ: "فإذا هو عمر".