للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أهل مدين، فزعم أن شعيبًا ، بعثه الله إلى أمتين، ومنهم مَنْ قال: ثلاث أمم.

وقد روى إسحاق بن بشر الكاهلي -وهو ضعيف -حدثني ابن السدي، عن أبيه -وزكريا بن عمر (١)، عن خَصِيف، عن عِكْرِمة قالا ما بعث الله نبيًا مرتين إلا شعيبًا، مرة إلى مدين فأخذهم الله بالصيحة، ومرة إلى أصحاب الأيكة فأخذهم الله بعذاب يوم الظُّلَّةِ.

وروى أبو القاسم البغوي، عن هُدْبَة، عن هَمَّام، عن قتادة في قوله تعالى: ﴿وَأَصْحَابُ الرَّسِّ﴾. [ق: ١٢] قوم شعيب، وقوله: ﴿وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ﴾. [ق: ١٤] قوم شعيب.

قال إسحاق بن بشر: وقال غير جُوَيْبر: أصحاب الأيكة ومدين هما واحد. والله أعلم.

وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة "شعيب"، من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن أبيه، عن معاوية بن هشام، عن هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله : "إن قوم مدين وأصحاب الأيكة أمتان، بعث (٢) الله إليهما شعيبًا النبي، " (٣).

وهذا غريب، وفي رفعه نظر، والأشبه أن يكون موقوفا. والصحيح أنهم أمة واحدة، وصفوا في كل مقام بشيء؛ ولهذا وعظ هؤلاء وأمرهم بوفاء المكيال والميزان، كما في قصة مدين سواء بسواء (٤)، فدل ذلك على أنهم أمة واحدة (٥).

﴿أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (١٨١) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (١٨٢) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (١٨٣)

يأمرهم تعالى (٦) بإيفاء المكيال (٧) والميزان، وينهاهم عن التطفيف فيهما، فقال: (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ) أي: إذا دفعتم إلى الناس فكملوا (٨) الكيل لهم، ولا تخسروا الكيل فتعطوه ناقصا، وتأخذوه -إذا كان لكم -تامًا وافيًا، ولكن خذوا كما تعطون، وأعطوا كما تأخذون.

(وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ): والقسطاس هو: الميزان، وقيل: القَبَّانُ. قال بعضهم: هو معرب من الرومية.

قال: مجاهد: القسطاس المستقيم: العدل -بالرومية. وقال قتادة: القسطاس: العدل.

وقوله: (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ): أي: تَنْقُصوهم أموالهم، (وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ)


(١) في ف، أ "عمرو".
(٢) في ف، أ: "فبعث".
(٣) انظر: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (١٠/ ٣٠٩).
(٤) في ف، أ: "سواء".
(٥) في أ: "فدل ذلك على أنهما واحدة".
(٦) في ف، أ: "".
(٧) في ف، أ: "الكيل".
(٨) في أ: "فكلوا".