للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (١٠٢) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (١٠٣) } .

يَقُولُ تَعَالَى مُخَاطِبًا لِأَهْلِ مَكَّةَ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ، وَمَنْ دَانَ بِدِينِهِمْ مِنْ عَبَدَةِ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ وَقُودُهَا، يَعْنِي كَقَوْلِهِ: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التَّحْرِيمِ:٦] .

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا: {حَصَبُ جَهَنَّمَ} بِمَعْنَى: شَجَرِ جَهَنَّمَ. وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: {حَصَبُ جَهَنَّمَ} يَعْنِي: حَطَبَ جَهَنَّمَ، بِالزِّنْجِيَّةِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَقَتَادَةُ: حَطَبُهَا. وَهِيَ كَذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: {حَصَبُ جَهَنَّمَ} أَيْ: مَا يُرْمَى بِهِ فِيهَا.

وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ. وَالْجَمِيعُ قَرِيبٌ.

وَقَوْلُهُ: {أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} أَيْ: دَاخِلُونَ.

{لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا} يَعْنِي: لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَصْنَامُ وَالْأَنْدَادُ الَّتِي اتَّخَذْتُمُوهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً صَحِيحَةً لَمَا وَرَدُوا النَّارَ، وَلَمَا دَخَلُوهَا، {وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ} أَيِ: الْعَابِدُونَ وَمَعْبُودَاتُهُمْ، كُلُّهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ، {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ} ، كَمَا قَالَ: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [هُودٍ: ١٠٦] ، وَالزَّفِيرُ: خُرُوجُ أَنْفَاسِهِمْ، وَالشَّهِيقُ: وُلُوجُ أَنْفَاسِهِمْ، {وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ} .

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسيّ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْل، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ -يَعْنِي: الْمَسْعُودِيَّ-عَنِ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا بَقِيَ مَنْ يَخْلُدُ فِي النَّارِ، جُعلوا فِي تَوَابِيتَ مِنْ نَارٍ، فِيهَا مَسَامِيرُ مِنْ نَارٍ، فَلَا يَرَى أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ يُعَذَّبُ فِي النَّارِ غَيْرُهُ، ثُمَّ تَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>