للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَبْدُ اللَّهِ: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ} .

وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ حَدِيثِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ خَبّاب (١) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَذَكَرَهُ.

وَقَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} : قَالَ عِكْرِمَةُ: الرَّحْمَةُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: السَّعَادَةُ، {أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى أَهْلَ النَّارِ وَعَذَابَهُمْ بِسَبَبِ شِرْكِهِمْ بِاللَّهِ، عَطَفَ بِذِكْرِ السُّعَدَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ ورسُله (٢) ، وَهُمُ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ السَّعَادَةُ، وَأَسْلَفُوا الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ فِي الدُّنْيَا، كَمَا قَالَ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يُونُسَ: ٢٦] : وَقَالَ {هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ} [الرَّحْمَنِ:٦٠] ، فَكَمَا أَحْسَنُوا الْعَمَلَ فِي الدُّنْيَا، أَحْسَنَ اللَّهُ مَآلَهُمْ وَثَوَابَهُمْ، فَنَجَّاهُمْ مِنَ الْعَذَابِ، وحَصَل (٣) لَهُمْ جَزِيلُ الثَّوَابِ، فَقَالَ: {أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ. لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} أَيْ: حَرِيقَهَا فِي الْأَجْسَادِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ (٤) ، عَنِ أَبِي عُثْمَانَ: {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} ، قَالَ: حَيَّاتٌ عَلَى الصِّرَاطِ (٥) تَلْسَعُهُمْ، فَإِذَا لَسَعَتْهُمْ قَالَ: حَسَ حَسَ.

وَقَوْلُهُ: {وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} فَسَلَّمَهُمْ مِنَ الْمَحْذُورِ وَالْمَرْهُوبِ، وَحَصَلَ لَهُمُ الْمَطْلُوبُ وَالْمَحْبُوبُ.

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيج، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ ابْنِ عَمِّ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ -وسَمَرَ مَعَ عَلِيٍّ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَرَأَ: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} قَالَ: أَنَا مِنْهُمْ، وَعُمَرُ مِنْهُمْ، وَعُثْمَانُ مِنْهُمْ، وَالزُّبَيْرُ مِنْهُمْ، وَطَلْحَةُ مِنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْهُمْ -أَوْ قَالَ: سَعْدٌ مِنْهُمْ-قَالَ: وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَقَامَ، وَأَظُنُّهُ يَجُرُّ ثَوْبَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} .

وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنِ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ الْمَكِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ (٦) قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} قَالَ: عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ.

وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا، وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ -وَلَيْسَ بِابْنِ مَاهَكَ-عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، فَذَكَرَهُ وَلَفْظُهُ: عُثْمَانُ مِنْهُمْ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} : فَأُولَئِكَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ يَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاطِ مَرًّا هُوَ أَسْرَعُ مِنَ الْبَرْقِ، وَيَبْقَى الْكُفَّارُ فِيهَا جِثيًا.


(١) في ت: "ابن حبان".
(٢) في ت: "ورسوله".
(٣) في ت: "وجعل".
(٤) في ت، ف، أ: "عن أبي عثمان الجريري".
(٥) في ت: "على الصراط المستقيم".
(٦) في ت: "خاطب".

<<  <  ج: ص:  >  >>