للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَوْلُهُ: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ [فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ] (١) عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ} قَالَ شُعْبَةُ [وهُشَيْم] (٢) عَنْ [أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدٍ] (٣) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْأَيْامُ الْمَعْلُومَاتُ: أَيْامُ الْعَشْرِ، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ بِهِ (٤) . وَيُرْوَى مِثْلُهُ عَنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةِ، وَالضَّحَّاكِ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَإِبْرَاهِيمِ النَّخعي. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَالْمَشْهُورُ عَنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَة، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُسْلِمٍ البَطِين، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا الْعَمَلُ فِي أَيْامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ" قَالُوا: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: "وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ، يَخْرُجُ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ".

وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ (٥) . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ. وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَجَابِرٍ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَقَصَّيْتُ هَذِهِ الطُّرُقَ، وَأَفْرَدْتُ لَهَا جُزْءًا عَلَى حِدَتِهِ (٦) ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّان، أَنْبَأَنَا أَبُو عَوَانة، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ أَيْامٍ أَعْظَمَ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبَّ إِلَيْهِ العملُ فِيهِنَّ، مِنْ هَذِهِ الْأَيْامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِمْ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ" (٧) وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، بِنَحْوِهِ (٨) . وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيْامِ الْعَشْرِ، فَيُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا (٩) .

وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: إِنَّ هَذَا هُوَ الْعَشْرُ الَّذِي أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ: {وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الْفَجْرِ: ١، ٢] (١٠) .

وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} [الْأَعْرَافِ: ١٤٢] .

وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ هَذَا الْعَشْرَ (١١) .

وَهَذَا الْعَشْرُ مُشْتَمِلٌ عَلَى يَوْمِ عَرَفَةَ الَّذِي ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ: "أَحْتَسِبْ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْآتِيَةَ" (١٢) .


(١) زيادة من ف، أ.
(٢) زيادة من ف، أ.
(٣) زيادة من ف، أ.
(٤) صحيح البخاري (٢/٤٥٧) "فتح".
(٥) صحيح البخاري برقم (٩٦٩) وسنن أبي داود برقم (٢٤٣٨) وسنن الترمذي برقم (٧٥٧) وسنن ابن ماجه برقم (١٧٢٧) .
(٦) سماه: "الأحاديث الواردة في فضل الأيام العشرة من ذي الحجة".
(٧) المسند (٢/٧٥) .
(٨) رواه أبو عوانة -كما في إرواء الغليل (٣٩٨١٣) عن الحافظ ابن حجر- من طريق موسى بن أبي عائشة عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(٩) صحيح البخاري (٢/٤٥٧) "فتح".
(١٠) المسند (٣/٣٢٧) .
(١١) سنن أبي داود برقم (٢٤٣٧) .
(١٢) صحيح مسلم برقم (١١٦٢) من حديث أبي قتادة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>