للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

غير الأرض والسماوات، وخرجت الأموات من قبورها أحياء بأمره تعالى ودعائه إياهم؛ ولهذا قال: (ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا﴾ [الإسراء: ٥٢].

وقال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٣، ١٤]، وقال: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ [يس: ٥٣].

﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (٢٦) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧)﴾.

يقول تعالى: (وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) أي: ملكه وعبيده، (كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ) أي: خاضعون خاشعون طوعًا وكرهًا.

وفي حديث دَرَّاج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، مرفوعا: " كل حَرْف في (١) القرآن يُذكَرُ فيه القنوت فهو الطاعة" (٢).

وقوله: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) قال [علي] (٣) بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني: أيسر عليه.

وقال مجاهد: الإعادة أهون عليه من البَدَاءة، والبداءة عليه هَيْنٌ. وكذا قال عكرمة وغيره.

وقال البخاري: حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، أخبرنا أبو الزِّنَاد، عن الأعرج، (٤) عن أبي هريرة، ، عن النبي قال: "قال الله: كَذبَني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهونَ عليّ من إعادته. وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدا، وأنا الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد" (٥).

انفرد بإخراجه البخاري كما انفرد بروايته -أيضا -من حديث عبد الرزاق عن مَعْمَر، عن همام، عن أبي هريرة، به (٦). وقد رواه الإمام أحمد منفردا به عن حسن بن موسى، عن ابن لهِيعة، حدثنا أبو يونس سليم بن جُبَيْر، عن أبي هريرة، عن النبي بنحوه، أو مثله (٧).

وقال آخرون: كلاهما بالنسبة إلى القدرة على السواء.


(١) في ت: "من".
(٢) رواه الإمام أحمد في مسنده (٣/ ٧٥)، وتقدم الحديث عند تفسير الآية: ١١٦ من سورة البقرة. قال الحافظ ابن كثير: "ولكن هذا الإسناد ضعيف لا يعتمد عليه، ورفع هذا الحديث منكر وقد يكون من كلام الصحابي، أو مَنْ دونه، والله أعلم".
(٣) زيادة من أ.
(٤) في ت: "وقال البخاري بإسناده".
(٥) صحيح البخاري برقم (٤٩٧٤).
(٦) صحيح البخاري برقم (٤٩٧٥).
(٧) المسند (٢/ ٣٥٠).