للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم إن الله أمرني أن أحرق قريشا، فقلت: يا رب إذًا يَثْلَغُوا رأسي فيدعوه خبُزَةً. قال (١): استخرجهم كما استخرجوك، واغزهم نَغْزُك، وأنفق عليهم فسننفق عليك. وابعث جيشا نبعث خمسة مثله، وقاتل بِمَنْ أطاعك مَنْ عصاك". قال: "وأهل الجنة: ثلاثة ذو سلطان مُقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب بكل ذي قربى ومسلم، ورجل عفيف فقير متصدق. وأهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زَبْرَ له، الذين هم فيكم تَبَعًا، لا يبتغون أهلا ولا مالا. والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه. ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن (٢) أهلك ومالك" وذكر البخيل، أو الكذاب، والشنظير: الفحاش (٣).

انفرد بإخراجه مسلم، فرواه من طرق عن قتادة، به (٤).

وقوله تعالى: (ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) أي: التمسك بالشريعة (٥) والفطرة السليمة هو الدين القويم المستقيم، (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أي: فلهذا لا يعرفه أكثر الناس، فهم عنه ناكبون، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [يوسف: ١٠٣]، ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ الآية [الأنعام: ١١٦].

وقوله: (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) قال ابن زيد، وابن جُرَيْج: أي راجعين إليه، (وَاتَّقُوهُ) أي: خافوه وراقبوه، (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) وهي الطاعة العظيمة، (وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أي: بل من الموحدين المخلصين له العبادة، لا يريدون بها سواه.

قال ابن جرير: [حدثنا ابن حُمَيد] (٦)، حدثنا يحيى بن واضح، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن يزيد (٧) بن أبي مريم قال: مر عمر، ، بمعاذ بن جبل فقال: ما قوام هذه الأمة (٨)؟ قال معاذ: ثلاث، وهن [من] (٩) المنجيات: الإخلاص، وهي الفطرة، فطرة الله التي فَطرَ الناس عليها، والصلاة وهي الملة، والطاعة وهي العصمة. فقال عمر: صدقت.

حدثني يعقوب، حدثنا ابن عُلَيَّةَ، حدثنا أيوب، عن أبي قِلابة: أن عمر، ، قال لمعاذ: ما قوام هذا الأمر؟ فذكره نحوه (١٠).

وقوله: (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) أي: لا تكونوا من المشركين الذين قد فرقوا دينهم أي: بدلوه وغيروه وآمنوا ببعض وكفروا ببعض.

وقرأ بعضهم: "فارقوا دينهم" أي: تركوه وراء ظهورهم، وهؤلاء كاليهود والنصارى والمجوس وعَبَدة الأوثان، وسائر أهل الأديان الباطلة، مما عدا أهل الإسلام، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٩]، فأهل الأديان قبلنا اختلفوا فيما بينهم على آراء وملَل باطلة، وكل فرقة منهم تزعم أنهم على شيء،


(١) في ت، ف: "فقال".
(٢) في ت: "على".
(٣) في ت، ف: "الفاحش".
(٤) المسند (٤/ ١٦٢) وصحيح مسلم برقم (٢٨٦٥).
(٥) في ت: "المتمسك بالشرعة".
(٦) زيادة من ف، أ، والطبري.
(٧) في أ: "زيد".
(٨) في ت: "الآية".
(٩) زيادة من ت.
(١٠) تفسير الطبري (٢١/ ٢٦).