للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تَدَعوا اللات والعزى، وأن تصلوا بالليل والنهار خمس صلوات؛ وأن تصوموا من السنة شهرًا، وأن تحجوا البيت، وأن تأخذوا الزكاة من مال أغنيائكم فتردوها على فقرائكم". قال: فقال: فهل بقي من العلم شيء لا تعلمه؟ قال: "قد عَلم الله ﷿ خيرًا، وإن من العلم ما لا يعلمه إلا الله ﷿: الخمس: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنزلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). (١) وهذا إسناد صحيح.

وقال ابن أبي نَجِيِح، عن مجاهد: جاء رجل من أهل البادية فقال: إن امرأتي حبلى، فأخبرني ما تلد؟ وبلادنا جَدبَةٌ، فأخبرني متى ينزل الغيث؟ وقد عَلمتُ متى وُلدتُ فأخبرني متى أموت؟ فأنزل الله ﷿: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ [وَيُنزلُ الْغَيْثَ]) (٢)، إلى قوله: (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). قال مجاهد: وهي (٣) مفاتيح الغيب التي قال الله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ﴾ [الأنعام: ٥٩]. رواه ابن أبي حاتم، وابن جرير.

وقال الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، ، أنها قالت: مَنْ حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب، ثم قرأت: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا) (٤).

وقوله: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ): قال قتادة: أشياء استأثر الله بهن، فلم يُطلع عليهن مَلَكا مقربًا، ولا نبيا مرسلا (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ)، فلا يدري أحد من الناس متى تقوم الساعة، في أي سنة أو في أي شهر، أو ليل أو نهار، (وَيُنزلُ الْغَيْثَ)، فلا يعلم أحد متى ينزل الغيث، ليلا أو نهارًا، (وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ)، فلا يعلم أحد ما في الأرحام، أذكر أم أنثى، أحمر أو أسود، وما هو، (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا)، أخير أم شر، ولا تدري يا ابن آدم متى تموت؟ لعلك الميت غدا، لعلك المصاب غدا، (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) ليس أحد من الناس يدري أين مضجعه من الأرض، أفي بحر أم بر، أو سهل أو جبل؟

وقد جاء في الحديث: "إذا أراد الله قبض عبد بأرض، جعل له إليها حاجة"، فقال الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير، في مسند أسامة بن زيد:

حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن أيوب، عن أبي المليح، عن أسامة (٥) بن زيد قال: قال رسول الله : "ما جعل الله ميتَة (٦) عبد بأرض إلا جعل له فيها حاجة" (٧).

وقال عبد الله بن الإمام أحمد: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو داود الحَفَريّ، عن


(١) المسند (٥/ ٣٦٨).
(٢) زيادة من ت، ف، أ.
(٣) في أ: "وهن".
(٤) تفسير الطبري (٢١/ ٥٦).
(٥) في ت: "فروى أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير في مسند أسامة".
(٦) في ت، ف، أ: "منية".
(٧) المعجم الكبير (١/ ١٧٨) وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ١٩٦) "ورجاله رجال الصحيح" وفيها: "منية" بدل "ميتة".