للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرجوع، فرجع حتى أهريق دمه، رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي. فيقول الله، ﷿ للملائكة: انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي، ورهبة مما عندي، حتى أهريق دمه".

وهكذا رواه أبو داود في "الجهاد"، عن موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، به بنحوه. (١)

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن عاصم بن أبي النَّجُود، عن أبي وائل، (٢) عن معاذ بن جبل قال: كنت مع النبي في سفر، فأصبحت يوما قريبا منه، ونحن نسير، فقلت: يا نبي الله، (٣) أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار. قال: "لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت". ثم قال: "ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة، وصلاة الرجل في (٤) جوف الليل". ثم قرأ: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ)، حتى بلغ (يَعْمَلُون). ثم قال: "ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ " فقلت: بلى، يا رسول الله. فقال: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سَنَامه الجهاد في سبيل الله". ثم قال: "ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ " فقلت: بلى، يا نبي الله. فأخذ بلسانه ثم قال: "كُفّ عليك هذا". فقلت: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به. فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يَكُب الناس في النار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم -إلا حصائد ألسنتهم".

رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه في سننهم، من طرق عن معمر، به. (٥) وقال (٦) الترمذي: حسن صحيح. ورواه ابن جرير من حديث شعبة، عن الحكم قال: سمعت عُرْوَة بن النزال (٧) يحدث عن معاذ بن جبل؛ أن رسول الله قال له: "ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جنة، والصدقة تكفر الخطيئة، وقيام العبد في جوف الليل"، وتلا هذه الآية: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) (٨).

ورواه أيضًا من حديث الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن الحكم، عن ميمون بن أبي شبيب، عن معاذ، عن النبي بنحوه، ومن حديث الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، والحكم عن ميمون بن أبي شبيب، عن معاذ مرفوعا بنحوه. ومن حديث حماد بن سلمة، عن عاصم بن أبي النَّجُود، عن شهر، عن معاذ بن جبل، عن النبي ، في قوله تعالى: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ)


(١) المسند (١/ ٤١٦) وسنن أبي داود برقم (٥٢٣٦).
(٢) في ت: "وروى الإمام أحمد بإسناده".
(٣) في ت: "يا رسول الله".
(٤) في ت: "من".
(٥) المسند (٥/ ٢٣١) وسنن الترمذي برقم (٢٦١٦) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١١٣٩٤) وسنن ابن ماجه برقم (٣٩٧٣).
(٦) في ت: "رواه".
(٧) في أ: "الزبير".
(٨) تفسير الطبري (٢١/ ٦٤).