للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ورواه ابن أبي حاتم، من حديث إسماعيل بن عياش، به، وهذا حديث غريب جدًا.

﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (٢٣) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (٢٤) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٢٥)

يقول تعالى مخبرًا عن عبده ورسوله موسى، ، أنه آتاه الكتاب وهو التوراة.

وقوله: (فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ): قال قتادة: يعني به ليلة الإسراء. (١) ثم روي عن أبي العالية الرّياحي قال: حدثني ابن عم نبيكم -يعني ابن عباس -قال: قال رسول الله : "أُريتُ ليلة أسري بي موسى بن عمران، رجلا آدم طُوَالا جَعْدًا، كأنه من رجال شَنُوءة. ورأيت عيسى رجلا مربوع الخلق، إلى الحمرة والبياض، مبسط الرأس، ورأيت مالكًا خازن النار والدجال، في آيات أراهن الله إياه"، (فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ)، أنه قد رأى موسى، ولقي موسى ليلة أسري به. (٢)

وقال الطبراني: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا الحسن بن علي الحُلْوَاني، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبَة، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس، عن النبي في قوله: (وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ)، قال: جُعل موسى هُدى لبني إسرائيل، وفي قوله: (فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ) قال: من لقاء موسى ربه ﷿. (٣)

وقوله: (وَجَعَلْنَاهُ) أي: الكتاب الذي آتيناه (هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ)، [كما قال تعالى في سورة الإسراء: ﴿وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلا﴾ [الإسراء: ٢].

وقوله: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)، أي: لما كانوا صابرين على أوامر الله وترك نواهيه وزواجره وتصديق رسله واتباعهم فيما جاؤوهم به، كان منهم أئمة يهدون إلى الحق بأمر الله، ويدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر. ثم لما بدلوا وحَرَّفوا وأوَّلوا، سلبوا ذلك المقام، وصارت قلوبهم قاسية، يحرفون الكلم عن مواضعه، فلا عمل صالحًا، ولا اعتقاد صحيحًا؛ (٤) ولهذا قال: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا) (٥) قال قتادة وسفيان: لما صبروا عن الدنيا: وكذلك قال الحسن بن صالح.

قال سفيان: هكذا كان هؤلاء، ولا ينبغي للرجل أن يكون إماما يُقتَدى به حتى يتحامى عن الدنيا.

قال وكيع: قال سفيان: لا بد للدين من العلم، كما لا بد للجسد من الخبز.


(١) في ت: "الأسرى".
(٢) انظر الأثر عند تفسير الآية الأولى من سورة الإسراء وتخريجه هناك.
(٣) المعجم الكبير للطبراني (١٢/ ١٦٠) وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ٩٠): "رجاله رجال الصحيح".
(٤) في ت: "فلا عملا صالحا ولا اعتقادا صحيحا".
(٥) في ف، أ: "ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب".