للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بن عبيد الله العَرْزَمي (١)، عن شَيْبَان النحوي، أخبرني قتادة، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس (٢) قال: لما نزلت: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) -وقد كان أمر عليا ومعاذا أن يسيرا إلى اليمن -فقال: "انطلقا فبشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا، إنه قد أنزل علي: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا).

ورواه الطبراني عن محمد بن نصر بن حميد البزاز البغدادي، عن عبد الرحمن بن صالح الأزدي، عن عبد الرحمن [بن محمد] (٣) بن عبيد الله العرزمي، بإسناده مثله (٤). وقال في آخره: "فإنه قد أنزل (٥) علي: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا على أمتك ومبشرا بالجنة، ونذيرا من النار، وداعيا إلى شهادة أن لا إله إلا الله بإذنه، وسراجا منيرا بالقرآن".

وقوله: (شَاهِدًا) أي: لله بالوحدانية، وأنه لا إله غيره، وعلى الناس بأعمالهم يوم القيامة، ﴿وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا﴾، [كقوله: ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾] (٦) [البقرة: ١٤٣].

وقوله: (وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) أي: بشيرا للمؤمنين بجزيل الثواب، ونذيرا للكافرين من وبيل العقاب.

وقوله: (وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ) أي: داعيا للخلق إلى عبادة ربهم عن أمره لك بذلك، (وَسِرَاجًا مُنِيرًا) أي: وأمرُك ظاهر فيما جئت به من الحق، كالشمس في إشراقها وإضاءتها، لا يجحدها إلا معاند.

وقوله: (وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ)، أي: لا تطعهم و [لا] (٧) تسمع منهم في الذي يقولونه (٨) (وَدَعْ أَذَاهُمْ) أي: اصفح وتجاوز عنهم، وكِلْ أمرهم إلى الله، فإن فيه كفايةً لهم؛ ولهذا قال: (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا).

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا (٤٩)﴾.

هذه الآية الكريمة فيها أحكام (٩) كثيرة. منها: إطلاق النكاح على العقد وحده، وليس في القرآن آية أصرح في ذلك منها، وقد اختلفوا في النكاح: هل هو حقيقة في العقد وحده، أو في الوطء، أو فيهما؟ على ثلاثة أقوال، واستعمال القرآن إنما هو في العقد والوطء بعده، إلا في هذه الآية فإنه استعمل في العقد وحده؛ لقوله: (إِذَا نَكَحْتُمُ (١٠) الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ) وفيها دلالة لإباحة طلاق المرأة قبل الدخول بها.


(١) في أ: "عبد الله القرشي".
(٢) في ت: "ثم روى ابن أبي حاتم بإسناده إلى ابن عباس".
(٣) زيادة من ت، ف، والمعجم.
(٤) المعجم الكبير (١١/ ٣١٢) وقال الهيثمي في المجمع (٧/ ٩٢): "وفيه عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي وهو ضعيف".
(٥) في ت، أ: "أنزلت".
(٦) زيادة من ت، ف، أ.
(٧) زيادة من ت.
(٨) في أ: "في الذين يتولونهم".
(٩) في ت "اشتملت على أحكام".
(١٠) في ت: "نكحتموا".