للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مع قومها. قال: فاطمأن أبو بكر، (١) وسكن (٢).

وقد عظم الله ذلك، وشدد فيه وتوعد عليه بقوله: (إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا)، ثم قال: (إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) أي: مهما تكنه ضمائركم وتنطوي عليه سرائركم، فإن الله (٣) يعلمه؛ فإنه لا تخفى (٤) عليه خافية، ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ [غافر: ١٩].

﴿لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (٥٥)﴾.

لما أمر تعالى النساء بالحجاب من الأجانب، بيَّن أن هؤلاءالأقارب لا يجب الاحتجاب منهم، كما استثناهم في سورة النور، عند قوله: ﴿وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾ إلى آخرها، [النور: ٣١]، وفيها زيادات على هذه. وقد تقدم تفسيرها والكلام عليها بما أغنى عن إعادته. وقد سأل بعض السلف فقال: لِم لَمْ يذكر العم والخال في هاتين الآيتين؟ فأجاب عكرمة والشعبي: بأنهما لم يذكرا؛ لأنهما قد يصفان ذلك لبنيهما. قال ابن جرير: حدثني محمد بن المثنى، حدثنا حجاج بن مِنْهال، حدثنا حماد، حدثنا داود، عن الشعبي وعكرمة في قوله: (لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ) قلت: ما شأن العم والخال لم يذكرا؟ قالا هما (٥) ينعتانهالأبنائهما. وكرها أن تضع خمارها عند خالها وعمها.

وقوله: (وَلا نِسَائِهِنَّ): يعني بذلك: عَدَم الاحتجاب من النساء المؤمنات.

وقوله: (وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ) يعني به: أرقاءَهن من الذكور والإناث، كما تقدم التنبيه عليه، وإيراد الحديث فيه (٦).

قال سعيد بن المسيب: إنما يعني به: الإماء فقط. رواه ابن أبي حاتم.

وقوله: (وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا) أي: واخشينه في الخلوة والعلانية، فإنه شهيد على كل شيء، لا تخفى عليه خافية، فراقبن الرقيب.


(١) في ت، ف: "عنه".
(٢) تفسير الطبري (٢٢/ ٢٩).
(٣) في ف: "فإنه".
(٤) في ت، ف: "لا يخفى".
(٥) في أ: "لأنهما".
(٦) تقديم تخريج الحديث عند تفسير الآية: ٣١ من سورة النور.