للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) أي: وكما نهيتكم عن الدخول عليهن، كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية، ولو كان لأحدكم (١) حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن، ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب.

وقال (٢) ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن مِسْعَر، عن موسى بن أبي كثير، عن مجاهد، عن عائشة قالت: كنت آكل مع النبي (٣) حَيْسًا في قَعْب، فمر عمر فدعاه، فأصابت إصبعه إصبعي، فقال: حَسِّ (٤) -أو: أوّه -لو أطاع فيكن ما رأتك (٥) عين. فنزل الحجاب (٦).

(ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) أي: هذا الذي أمرتكم به وشرعته لكم من الحجاب أطهر وأطيب.

وقوله: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا): قال (٧) ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا محمد بن أبي حماد، حدثنا مهْرَان، عن سفيان، عن داود بن أبي هند، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس في قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ) قال: نزلت في رَجُل هَمّ أن يتزوج بعض نساء النبي . قال رجل لسفيان: أهي عائشة؟ قال: قد ذكروا ذاك.

وكذا قال مقاتل بن حَيَّان، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وذكر بسنده عن السدي أن الذي عزم على ذلك طلحة بن عبيد الله، ، حتى نزل التنبيه على تحريم ذلك؛ ولهذا أجمع العلماء قاطبة على أن من توفي عنها رسول الله من أزواجه (٨) أنه يحرم على غيره تزويجها من بعده؛ لأنهن أزواجه في الدنيا والآخرة وأمهات المؤمنين، كما تقدم. واختلفوا فيمن دخل بها ثم طلقها في حياته (٩) هل يحل لغيره أن يتزوجها؟ على قولين، مأخذهما: هل دخلت هذه في عموم قوله: (مِنْ بَعْدِهِ) أم لا؟ فأما من تزوجها ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فما نعلم في حلها لغيره -والحالة هذه -نزاعا، والله أعلم.

وقال (١٠) ابن جرير: حدثني [محمد] (١١) بن المثنى، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا داود، عن عامر؛ أن نبي الله مات وقد ملك قيلة بنت (١٢) الأشعث -يعني: ابن قيس -فتزوجها عكرمة بن أبي جهل بعد ذلك، فشق ذلك على أبي بكر مشقة شديدة، فقال له عمر: يا خليفة رسول الله، إنها ليست من نسائه، إنها لم يُخَيّرها رسول الله ، ولم يحجبها، وقد برأها الله منه بالردة التي ارتدت


(١) في ت: "لأحدهم".
(٢) في ت: "وروى".
(٣) في ت: "رسول الله".
(٤) في هـ: "خير" وفي ت، ف، أ: "حسن" والمثبت من النهاية لابن الأثير ١/ ٣٨٥.
(٥) في ت، أ: "ما رأتكن".
(٦) ورواه النسائي في السنن الكبرى برقم (١١٤١٩) من طريق زكريا بن يحيى عن ابن أبي عمر، به.
(٧) في ت: "روى".
(٨) في ف، أ: "زوجاته".
(٩) في ت: "حياتها".
(١٠) في ت: "وروى".
(١١) زيادة من ف، أ، والطبري.
(١٢) في أ: "قتيلة ابنة".