للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينًا واحدة.

وقال محمد بن سيرين: سألت عَبيدةَ السّلماني عن قول الله تعالى: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ)، فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى.

وقال عكرمة: تغطي ثُغْرَة نحرها بجلبابها تدنيه عليها.

وقال (١) ابن أبي حاتم: أخبرنا أبو عبد الله الظَّهراني (٢) فيما كتب إليّ، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن ابن خُثَيْم، عن صفية بنت شيبة، عن أم سلمة قالت: لما نزلت هذه الآية: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ)، خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها (٣).

وقال (٤) ابن أبي حاتم، حدثنا أبي، حدثنا أبو صالح، حدثني الليث، حدثنا يونس بن يزيد قال: وسألناه (٥) يعني: الزهري -: هل على الوليدة خمار متزوجة أو غير متزوجة؟ قال: عليها الخمار إن كانت متزوجة، وتنهى عن الجلباب لأنه يكره لهن أن يتشبهن بالحرائر إلا محصنات (٦). وقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ).

وروي عن سفيان الثوري أنه قال: لا بأس بالنظر إلى زينة نساء أهل الذمة، إنما ينهى عن ذلك لخوف الفتنة؛ لا لحرمتهن، واستدل بقوله تعالى: (وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ).

وقوله: (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) أي: إذا فعلن ذلك عُرِفْنَ أنَّهن حرائر، لسن بإماء ولا عواهر، قال السدي في قوله تعالى: ([يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ] قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) (٧) قال: كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل حين يختلط الظلام إلى طرق المدينة، يتعرضون للنساء، وكانت مساكن أهل المدينة ضَيِّقة، فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق يقضين حاجتهن، فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهن، فإذا رأوا امرأة عليها جلباب قالوا: هذه حرة، كفوا عنها. وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب، قالوا: هذه أمة. فوثبوا إليها (٨).

وقال مجاهد: يتجلببن فيعلم أنهن حرائر، فلا يتعرض لهن فاسق بأذى ولا ريبة.

وقوله: (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) أي: لما سلف في أيام الجاهلية حيث لم يكن عندهن علم بذلك.

ثم قال تعالى متوعدًا للمنافقين، وهم الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر: (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) قال عكرمة وغيره: هم الزناة هاهنا (وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ) يعني: الذين يقولون: "جاء


(١) في ت: "وروى".
(٢) في أ: "الطبراني".
(٣) تفسير عبد الرزاق (٢/ ١٠١) ورواه الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة عن عائشة مثله، وأخرجه البخاري في صحيحه برقم (٤٧٥٩).
(٤) في ت: "وروى".
(٥) في ت: "سئل".
(٦) في أ: "بالحرائر المحصنات".
(٧) زيادة من أ.
(٨) في ت، ف: "عليها".