الأعداء" و"جاءت الحروب"، وهو كذب وافتراء، لئن لم ينتهوا عن ذلك ويرجعوا إلى الحق (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أي: لنسلطنَّك عليهم. وقال قتادة،﵀: لنحرّشَنَّك بهم. وقال السدي: لنعلمنك بهم.
(ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا) أي: في المدينة (إِلا قَلِيلا * مَلْعُونِينَ) حال منهم في مدة إقامتهم في المدينة مدة قريبة مطرودين مبعدين، (أَيْنَمَا ثُقِفُوا) أي: وجدوا، (أُخِذُوا) لذلتهم وقلتهم، (وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا).
ثم قال:(سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) أي: هذه سنته في المنافقين إذا تمردوا على نفاقهم وكفرهم ولم يرجعوا عما هم فيه، أن أهل الإيمان يسلطون عليهم ويقهرونهم، (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا) أي: وسنة الله في ذلك لا تبدل ولا تغير.
يقول تعالى مخبرا لرسوله ﷺ: أنه لا علم له بالساعة، وإن سأله الناس عن ذلك. وأرشده أن يرد علمها إلى الله، ﷿، كما قال له في سورة "الأعراف"، وهي مكية وهذه مدنية، فاستمر الحال في رَدّ علمها إلى الذي يقيمها، لكن (١) أخبره أنها قريبة بقوله: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا)، كَمَا قَالَ: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر: ١]، وقال ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ﴾ [الأنبياء: ١]، وقال ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [النحل: ١].
ثم قال:(إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ) أي: أبعدهم عن رحمته (وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا) أي: في الدار الآخرة.
(خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) أي: ماكثين مستمرين، فلا خروج لهم منها ولا زوال لهم عنها، (لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا) أي: وليس لهم مغيث ولا معين ينقذهم مما هم فيه.
ثم قال:(يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا) أي: يسحبون في النار على وجوههم، وتلوى وجوههم على جهنم، يقولون وهم كذلك، يتمنون أن لو كانوا في الدار الدنيا ممن أطاع الله وأطاع الرسول، كما أخبر الله عنهم في حال العرصات بقوله: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولا﴾ [الفرقان: ٢٧ - ٢٩]،