للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فاها، ففزعت، فَوَثَبت فإذا أنا من ورائها، وإذا جراؤها ينبحن في بطنها. فقال له الشاب: لست تدرك هذا، هذا يكون في آخر الزمان، يقاعد الغلام المشيخة في مجلسهم ويَبُزّهم حديثهم.

قال: ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل، إذا أنا بمائة عنز حُفَّل، وإذا فيها جَدْي يمصّها، فإذا أتى عليها وظن أنه لم يترك شيئًا، فتح فاه يلتمس الزيادة. فقال: لست تدرك هذا، هذا يكون في آخر الزمان، ملك يجمع صامت الناس كلّهم، حتى إذا ظن أنه لم يترك شيئًا فتح فاه يلتمس الزيادة.

قال: ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا بشجر، فأعجبني غصن من شجرة منها ناضر، فأردت قطعة، فنادتني شجرة أخرى: "يا عبد الله، مني فخذ". حتى ناداني الشجر أجمع: "يا عبد الله، منا فخذ". قال: لست تدرك هذا، هذا يكون في آخر الزمان، يقل الرجال ويكثر (١) النساء، حتى إن الرجل ليخطب المرأة فتدعوه العشر والعشرون إلى أنفسهن.

قال: ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا برجل قائم على عين، يغرف لكل إنسان من الماء، فإذا تَصَدعوا عنه صَبّ في جَرّته فلم تَعلَق جَرته من الماء بشيء. قال: لست تدرك هذا، هذا يكون في آخر الزمان، القاص يعلم الناس العلم ثم يخالفهم إلى معاصي الله.

قال: ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا بعنز وإذا بقوم قد أخذوا بقوائمها، وإذا رجل قد أخذ بقرنيها، وإذا رجل قد أخذ بذَنَبها، وإذا رجل (٢) قد ركبها، وإذا رجل يحلبها. فقال: أما العنز فهي الدنيا، والذين أخذوا بقوائمها يتساقطون من عيشها، وأما الذي قد أخذ بقرنيها فهو يعالج من عيشها ضيقًا، وأما الذي أخذ بذنبها فقد أدبرت عنه، وأما الذي ركبها (٣) فقد تركها. وأما الذي يحلبها فَبخٍ [بخٍ] (٤)، ذهب ذلك (٥) بها.

قال: ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل، وإذا أنا برجل يمْتح على قَليب، كلما أخرج (٦) دلوه صبَّه في الحوض، فانساب الماء راجعًا إلى القليب. قال: هذا رجل رَدّ الله [عليه] (٧) صالح عمله، فلم يقبله.

قال: ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل، إذا أنا برجل يبذُر بذرًا فيستحصد، فإذا حنطة طيبة. قال: هذا رجل قبل الله صالح عمله، وأزكاه (٨) له.

قال: ثم أقبلت حتى [إذا] (٩) انفرج بي السبيل، إذا أنا برجل مستلق على قفاه، قال: يا عبد الله، ادن مني فخذ بيدي وأقعدني، فوالله ما قعدت منذ خلقني الله فأخذت بيده، فقام يسعى حتى ما أراه. فقال له الفتى: هذا عمْر الأبعد نَفَد، أنا ملك الموت وأنا المرأة التي أتتك … (١٠) أمرني الله بقبض روح الأبعد في هذا المكان، ثم أصيره إلى نار جهنم قال: ففيه نزلت هذه: (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ) الآية.


(١) في ت: "وتكثر".
(٢) في ت، س، أ: "راكب".
(٣) في ت، س، أ: "الذي قد ركبها".
(٤) زيادة من ت، س، أ، والدر المنثور.
(٥) في ت، س، أ: "ذاك".
(٦) في أ: "فلما أن خرج".
(٧) زيادة من ت، س، أ.
(٨) في أ: "وزكاه".
(٩) زيادة من ت، س.
(١٠) في أ: "أتيتك".