للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورسله (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) أي: لما كان منهم من ذنب، (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) على ما عملوه من خير.

ثم قال: (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا) يعني: كالكفار والفجار، يعملون أعمالا سيئة، وهم في ذلك يعتقدون ويحسون (١) أنهم يحسنون صنعًا، أي: أفمن كان هكذا قد أضله الله، ألك فيه حيلة؟ لا حيلة لك فيه، (فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) أي: بقدره كان ذلك، (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) أي: لا تأسف على ذلك فإن الله حكيم في قدره، إنما يضل من يضل (٢) ويهدي من يهدي (٣)، لما له في ذلك من الحجة البالغة، والعلم التام؛ ولهذا قال: (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ).

وقال (٤) ابن أبي حاتم عند هذه الآية: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عوف الحِمْصي، حدثنا محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي عمرو السَّيباني -أو: ربيعة-عن عبد الله بن الديلمي قال: أتيت عبد الله بن عمرو، وهو في حائط بالطائف يقال له: الوهط، قال: سمعت رسول الله يقول: "إن الله خلق خلقه في ظلمة، ثم ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من نوره يومئذ فقد اهتدى، ومن أخطأه منه ضل، فلذلك أقول: جف القلم على ما علم الله ﷿". (٥)

ثم قال: حدثنا يحيى بن عبدك القزويني، حدثنا حسان بن حسان البصري، حدثنا إبراهيم بن بشر (٦) حدثنا يحيى بن معين (٧) حدثنا إبراهيم القرشي، عن سعد بن شرحبيل (٨) عن زيد بن أبي أوفى قال: خرج علينا رسول الله فقال: "الحمد لله الذي يهدي من (٩) الضلالة، ويلبس الضلالة على من أحب". (١٠)

وهذا أيضًا حديث غريب جدًّا.


(١) في ت، س، أ: "يحسبون".
(٢) في أ: "يشاء".
(٣) في أ: "يشاء".
(٤) في ت: "وروى".
(٥) ورواه ابن حبان في صحيحه برقم (١٨١٢) "موارد" والحاكم في المستدرك (١/ ٣٠) من طريق الأوزاعي عن ربيعة بن يزيد، عن عبد الله الديلمي بنحوه، ورواه الترمذي في السنن برقم (٢٦٤٢) من طريق إسماعيل بن عياش عن يحيى بن أبي عمرو السيباني عن عبد الله الديلمي بنحوه، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن".
(٦) في هـ، ت، س، أ: "بشير"، والصواب ما أثبتناه.
(٧) في هـ، ت، س، أ: "معن"، والصواب ما أثبتناه.
(٨) في ت: "ثم روى بسنده".
(٩) في ت، أ: "يهدي من يشاء من".
(١٠) ورواه البخاري في التاريخ الأوسط (١/ ٢٥٠): حدثنا حسان بن حسان عن إبراهيم بن بشر عن يحيى بن معين المدني عن إبراهيم القرشي عن سعيد بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى، ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٥/ ٢٢٠) من طريق عبد المؤمن بن عباد عن يزيد بن معن عن عبد الله بن شرحبيل عن رجل من قريش عن زيد بن أبي أوفى بأطول منه، ورواه ابن الأثير في أسد الغابة (٢/ ١٢٦) من طريق شعيب بن يونس عن موسى بن صهيب عن يحيى بن زكريا عن عبد الله بن شرحبيل عن رجل من قريش عن زيد بن أبي أوفى، وقال البخاري بعدما أورده: "وهذا إسناد مجهول لا يتابع عليه، ولا يعرف سماع بعضهم من بعض، رواه بعضهم عن إسماعيل بن خالد عن عبد الله بن أبي أوفى، عن النبي ولا أصل له".