للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (٢٣) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (٢٤) أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (٢٥) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٢٦) }

يَقُولُ تَعَالَى: {فَمَكَثَ} الْهُدْهُدُ {غَيْرَ بَعِيدٍ} أَيْ: غَابَ زَمَانًا يَسِيرًا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ لِسُلَيْمَانَ: {أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ} أَيْ: اطَّلَعْتُ عَلَى مَا لَمْ تَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَنْتَ وَلَا جُنُودُكَ، {وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} أَيْ: بِخَبَرٍ صِدْقٍ حَقٍّ يَقِينٍ.

وَسَبَأٌ: هُمْ: حِمْير، وَهُمْ مُلُوكُ الْيَمَنِ.

ثُمَّ قَالَ: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ} ، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: وَهِيَ بِلْقِيسُ بِنْتُ شَرَاحيل مَلِكَةُ سَبَأٍ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَتْ أُمُّهَا جِنِّيَّةً، وَكَانَ مُؤخَّر قَدَمَيْهَا مِثْلَ حَافِرِ الدَّابَّةِ، مِنْ بَيْتِ مَمْلَكَةٍ.

وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: وَهِيَ بِلْقِيسُ بِنْتُ شَرَاحيل بْنِ مَالِكِ بْنِ الرَّيَّانِ، وَأُمُّهَا فَارِعَةُ الْجِنِّيَّةُ.

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج: بِلْقِيسُ بِنْتُ ذِي شَرْخٍ، وَأُمُّهَا يَلْتَقَةُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنٍ، حَدَّثَنَا مُسَدَّد، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ -يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ -عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ مَعَ صَاحِبَةِ (١) سُلَيْمَانَ أَلْفُ قَيْل، تَحْتَ كُلِّ قَيْلٍ مِائَةُ أَلْفِ [مُقَاتِلٍ] (٢) .

وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ مُجَاهِدٍ: كَانَ تَحْتَ يَدَيْ مَلِكَةِ سَبَأٍ اثْنَا عَشَرَ ألف قَيْل، تحت كل قيل: مائة ألف مُقَاتِلٍ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا (٣) مَعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ} : كَانَتْ مِنْ بَيْتِ مَمْلَكَةٍ، وَكَانَ أُولُو مَشُورَتِهَا ثَلَاثَمِائَةٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ رَجُلٍ. وَكَانَتْ بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا مَأْرَبُ، عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ صَنْعَاءَ.

وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ أَقْرَبُ، عَلَى أَنَّهُ كَثِيرٌ عَلَى مَمْلَكَةِ الْيَمَنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} أَيْ: مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا مَا (٤) يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمَلِكُ الْمُتَمَكِّنُ، {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ}


(١) في ف: "كان لصاحبه".
(٢) زيادة من ف، أ.
(٣) في ف: "عن".
(٤) في ف: "مما".

<<  <  ج: ص:  >  >>